عمره على المنبر وقال: إن الأنصار كرشي وعيبتي (1) وهم كانوا الجند الغالب والعسكر وكان ينبغي أن
النبي (ص) أوصى الأنصار بإمداد
علي (ع) في أمر الخلافة وأن يحاربوا من يخالف نصه في خلافة، ثم إن
فاطمة عليها السلام مع علو منصبها زوجته والحسن والحسين مع كونهما سبطي رسول الله ولداه والعباس مع علو منصبه عمه، فإنه روي أنه قال
لعلي (ع): امدد يدك أبايعك حتى يقول الناس بايع عم
رسول الله (ص) ابن عمه فلا يختلف فيك اثنان والزبير مع شجاعته كان معه حتى قيل: إنه سل السيف وقال لا أرضى
بخلافة أبي بكر، وقال أبو سفيان: أرضيتم يا بني عبد مناف أن يلي عليكم تيمي والله لأملأن الوادي خيلا ورجلا، وكرهت الأنصار
خلافة أبي بكر فقالوا: منا أمير ومنكم أمير كما ذكرنا، ولو كان على إمامة علي نص جلي لأظهروه قطعا ولأمكنتهم المنازعة جزما كيف لا وأبو بكر عندهم شيخ ضعيف جبان لا مال له ولا رجال ولا شوكة، فأنى يتصور امتناع المنازعة معه، وكل هذه الأمور يدل على أن الاجماع وقعت على
خلافة أبي بكر ولم يكن نص على خلافة غيره، وبايعه
علي (ع) حيث رآه أهلا للخلافة عاقلا صبورا مداريا شيخا للاسلام، ولم يكن غرض بين الصحابة لأجل السلطنة والزعامة، بل غرضهم كان إقامة الحق وتقويم الشريعة ليدخل الناس كافة في دين الاسلام، وقد كان يحصل هذا من
خلافة أبي بكر فسلموا إليه الأمر وكانوا أعوانا له في إقامة الحق، هذا هو المذهب الصحيح والحق والصريح الذي عليه السواد الأعظم من الأمة، وقد قال
رسول الله (ص) عليكم بالسواد الأعظم، وأما استدل به من الوجوه العقلية على خلافة
علي (ع) فالأول
وجوب كون الإمام معصوما وقد قدمنا عدم وجوبه لا عقلا ولا شرعا، وجواب الثاني عدم اشتراط أن لا يسبق منه معصية كما قدمنا، وجواب الثالث عدم
وجوب النص لأن الاجماع في هذا كالنص، وجواب الرابع عدم
وجوب ____________________
(1) قد مر نقل هذا الحديث وبيان محله في الجزء الأول (ص 24).