الآخر أيضا لو لم يكن معصوما لاحتاج إلى ثالث وهكذا فلو لم يكن في شئ من المراتب إمام معصوم يلزم التسلسل، وقد شابه هذا الدليل دليل
وجوب انتهاء الممكنات إلى الواجب تعالى دفعا للتسلسل كما لا يخفى هذا، وربما يكابر المخالف ويقول: ليس الغرض من الإمام ما ذكرتهم من التبعيد والتقريب، بل الغرض منه حفظ أهل الاسلام وترتيب أمورهم على وجه النظام حتى لا ينتهي إلى الفتنة والفساد واختلال أحوال العباد، وفي كلام الناصب إشعار بهذا أيضا، ودفعه ظاهر لأن نظام الأمور على الوجه المخالف للشريعة ليس بمطلوب للشارع، فيجب أن يكون الإمام معصوما وإلا لما كان نظام الأمور مع وجوده على الوجه الشرعي ولا أقل من جهة معصيته فيحتاج إلى آخر يحصل منه الانتظام الشرعي ويتسلسل، وثالثا أنا نختار الشق الثاني ونقول: إن أكثر ما ذكره من أحكام الملكة باطل مخترع من عند نفسه سيما ما ذكره بقوله: وصدور بعض الصغائر عنه في بعض الأوقات لا يبطل ملكة العصمة فإنه دعوى كاذبة باطلة، وما استدل عليه بقوله: لأن الملكة كيفية المتداولة في تعريف الملكة ما أخذ فيه قيد الدوام والضبط قال العلامة الدواني (1) في رسالته الفارسية المشهورة المعمولة في تحقيق معنى العدالة ما هذه عبارته:
(وچون نفس متمرن بكلمات ثلاث حكمت وعفت وشجاعت گردد برو جهى كه على الدوام أفعال برقانونى مضبوط ونهجى مقرر از او صدور يابد بى تجشم رويتى جديد وسعى مستأسف آنملكه عدالت باشد)، وقد عرف ابن الحاجب (2) في مختصره وغيره في غيره العدالة بأنها كيفية راسخة تبعث المتصف بها على ملازمة التقوى والمروة، والرسوخ والملازمة يقتضيان الدوام وعدم التخلف كما لا يخفى،
____________________
(1) قد مرت ترجمته (ج 1 ص 40 وج 2 ص 11) (2) قد مرت ترجمته (ج 1 ص 170)