مهر باله عند اعتراض أحد عليه في دعوى الشجاعة لهم، بأن يقول له على طريقة الرجم بالغيب والرمي في الظلام: إن قوة القلب التي هي منشأ الشجاعة أمر غيبي لا يعلمه إلا الله كانت حاصلة فيهم وإن لم يظهر فيهم لوازمها وآثارها، وفيه ما فيه، وأما العدالة فقد أغنى الإمام ما اشترطنا فيه من العصمة عن اشتراط التي دونها في المرتبة فلا يخفى ما في استدلاله على اشتراط العدالة وعدم الجور بقوله: فإن الفاسق ربما يصرف الأموال في أغراض نفسه، فإنه أخص من المدعى كما لا يخفى، وأما اشتراط الحرية فهو مما لا كلام فيه، وأما القرشية فليس بشرط لكنه قد اتفق كون أئمتنا المعصومين الاثني عشر عليهم السلام من قريش من بني هاشم ثم من بني عبد المطلب ثم من آل النبي صلوات الله عليه وآله، وأما ثانيا فلأن قوله: واستدل عليه هذا الرجل بأن الحاجة إلى الإمام إلى آخر ما ذكره من الايراد والترديد مردود أولا بأن ما أتى به من منع اللزوم من للمدعى المستدل عليه، فيكون خارجا عن قانون المناظرة، وثانيا إنا نختار أولا الشق الأول ونقول: إن المنع الذي ذكره بقوله لا نسلم لزوم ذلك إما منع لوجوب الاجتناب عن الصغائر كما يدل عليه قوله: لأن صدور بعض الصغائر الخ أو منع لوجوب الاجتناب في جميع الأحوال أيضا، والثاني ظاهر البطلان، إذ من الأحوال حال الكهولة والشيخوخة والسفر والحضر وحال القعود والقيام وحال كونه راكبا أو راجلا إلى غير ذلك، ومن البين أن عدم انتصافه للمظلوم عن الظالم في بعض هذه الأحوال يخل بفائدة إمامته وكذا الأول، لأن الكلام ليس في صدور الصغائر وفي إيجاب ذلك عدم الانتصاف عن الظالم للمظلوم بل في جواز صدور الصغائر والكبائر عنه واستلزام ذلك جواز أن يخطأ ولا ينتصف فيحتاج إلى إمام آخر وهكذا فيلزم التسلسل والحاصل أن الغرض من نصب الإمام أن يبعد المكلفين عن الخطأ والعصيان ويقربهم إلى الطاعة والرضوان، فلو كان هو أيضا جائز الخطأ لاحتاج إلى إمام آخر، وذلك
(٣١٤)