أقول ما ذكره الناصب هيهنا يدل على بهته واضطرابه واشتباه حقيقة مذهبه عليه ونسيانه لما ذكره سابقا، فإنه لم يقل سابقا، إن هذه الدلائل حجة على من قال: بجواز صدور الكبائر عن الأنبياء، ولو اعترف بذلك فقد تم لنا الدست (1) وقامت الحجة عليه وعلى أصحابه، لأنه النزاع بين الفريقين إنما كان في أن المخل بالنبوة والمانع من امتثال أمر الأنبياء هل هو وقوع الكبائر والصغائر أو جواز وقوعهما؟
فالأشاعرة كانوا يقولون: إن مجرد الجواز لا يخل بذلك، والإمامية كانوا قائلين بإخلاله، وبالجملة الأشاعرة قائلون بجواز وقوع الكبائر عنهم، غاية الأمر أنهم يقولون: إن العقل والسمع دل على عدم وقوع بعض الكبائر المخل بالمعجزة كالكذب، وكيف ينكر هذا؟ وعنوان أدلته ثمة صريحة فيه حيث قال: الأول أنه إن صدر عنهم الكذب الخ والثاني ذكرها المصنف إذا افرغ في قالب الدليل يصير أنه لو جاز صدور الذنب عنهم لكان كذا، ولو جاز وقوع الكبائر عنهم لكان كذا، والفرق بين العنوانين لفظا ومعنى ظاهر جدا، وأيضا قد سبق منا أيضا أن هذه اللوازم التي
____________________
(1) الحيلة والخديعة والتمكن