بما تعلمون خبير، من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر
كريم (1)، وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر
كريم (2)، فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم (3)، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين (4) من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم (5)، إلى غير ذلك من الآيات والروايات، وأما قول الناصب: لو لم يعطهم لكان ظالما جائرا فمجاب، بأنا هكذا نقول ولا فساد فيه كما لا فساد في القول بأنه تعالى لو أدخل الأنبياء في النار والأشقياء في الجنة كان ظالما جائرا فافهم، وأما ما ذكره من مثال
الموت من الجوع فلا يغني من جوع، لأن ذلك إنما لا يحسن لأنه ليس بواجب على الله تعالى عند أهل العدل، وإنما الذي أوجبوه على الله تعالى الألطاف المقربة وما وعدهم الله تعالى من الثواب بإزاء الطاعة، والعقاب بإزاء المعصية ونحو ذلك، وأما إعطاء الشبع عقيب
أكل الخبز، فلم يقل أحد بوجوبه على الله تعالى، لجواز أن يكون ذلك (6) من قبيل سائر الأسقام والآلام الذي يمتحن الله تعالى به العبد، فالذي يجب عليه تعالى حينئذ عوض تلك الآلام على التفصيل الذي سيأتي في كلام المصنف عن قريب، وحيث ظهر بهذا
بطلان ما ذكر بقوله: وهل يحسن أن يقال الخ؟ ظهر
بطلان ما فرعه عليه بقوله: كذلك لا يحسن أن يقال الخ: فأحسن التأمل، وأما ما ذكره من أن عادة الله تعالى التي لا تتخلف قد جرت على إعطاء
____________________
(1) الحديد. الآية 11.
(2) الحديد. 18.
(3) الحديد. الآية 28.
(4) الكفل بالكسر النصيب والحظ.
(5) الحديد الآية 29.
(6) أي عدم الشبع عقيب الأكل. م.