الشرك الذي توهمه الناصب السفيه، وأنه لا يتأتي
للأشاعرة بذلك رعاية أحكام التكليف والترغيب والتخويف، وأما ما ذكره من التحقيق فهو بالإعراض حقيق، لأنا نسلم أن أصل القدرة والإرادة مخلوقتان في العبد، لكن الفعل إنما يتحقق بالإرادة الجازمة الجامعة للشرائط وارتفاع الموانع كما سبق وهي اختيارية، بيان ذلك أنه إذا حصل لنا العلم بنفع فعل يتعلق به الإرادة بلا اختيارنا، لكن تعلق الإرادة به غير كاف في تحققه ما لم تصر جازمة بل لا بد من انتفاء كف النفس عنه حتى تصير الإرادة جازمة موجبة للفعل، فإنا قد نريد شيئا ومع نأبى ونكف نفسنا عن لحياء وحمية، ذلك الكف أمر اختياري يستند وجوده على تقدير تحققه إلى وجود الداعي إليه، فإن عدم علة الوجود علة العدم، وعدم الداعي إلى هذا الداعي (1) وهكذا، وغاية ما يلزم منه التسلسل في العدمات ولا استحالة فيه، وبالجملة الإرادة الجازمة اختيارية لاستناد عدم الكف المعتبر فيها بالاختيار وإن
____________________
(1) والظاهر أن العبارة كانت هكذا: وعدم الداعي إلى هذا أي الوجود هو الداعي أي إلى العدم.