من البلد، وإلا فمن حيث يسع المال، وحمل الأخبار السابقة على عدم سعة المال ليس بأولى من حمل هذه الأخبار على الوصية بمال معين للحج، ولا أقل من تساوي الاحتمال، فيبطل الاستدلال بكل من القسمين على شئ من الطرفين، ويرجع إلى القاعدة التي قد عرفت اقتضاءها الحج من الميقات، على أنه لو سلم ترجيح الحمل الأول كان مقتضاه ذلك في خصوص الوصية، ولعله تعبد شرعي لا لفهم من العبارة المساوية لعبارة الشارع التي مقتضاها الصدق بالحج من الميقات في الوصية وغيرها، على أن مفهوم صحيح الحلبي لا يدل إلا على عدم وجوب الحج من الميقات مع السعة في المال، بل يمكن حمل الأمر في المنطوق على الندب باعتبار وروده في مظنة الحظر، وبذلك ظهر لك أن الاستدلال بهذه النصوص على ما يقوله الخصم في غير محله، كالاستدلال عليه بالمروي (1) عن مستطرفات السرائر من كتاب المسائل بسنده عن عدة من أصحابنا، قالوا: " قلنا لأبي الحسن (عليه السلام) يعني علي بن محمد (عليهما السلام): إن رجلا مات في الطريق وأوصى بحجته وما بقي فهو لك، فاختلف أصحابنا فقال بعضهم: يحج عنه من الوقت، فهو أوفر للشئ أن يبقى، وقال بعضهم: يحج عنه من حيث مات، فقال (عليه السلام):
يحج عنه من حيث مات " إذ هو - مع أنه يأتي فيه ما عرفت أيضا - يمكن فهم ذلك من وصيته بقرينة الحال، إذ الظاهر إرادة موته في طريق الحج، بل لعل الخبر أوصى بحجته أي باتمام حجته.
وأغرب من ذلك كله الاستدلال عليه بالأخبار (2) السابقة في النيابة عمن لا يستطيع الحج بنفسه باعتبار اشتمالها علي الأمر بتجهيز رجل يحج عنه الظاهر