فهو على قسمين: أحدهما: أن يخطأ في مفهوم الجزء أو الشرط، كمن ظن أن المراد بالمغرب غروب الشمس، فصلى ثم تبين له مع بقاء الوقت أن مفهومه زوال الحمرة، أو ظن أن القبلة ما بين المشرق والمغرب، فصلى في العراق إلى حوالي المشرق، ثم ظهر له أن ذلك قبلة المتحير، وقبلته تنحرف عن الجنوب إلى المغرب كثيرا.
أو ظن أن ستر العورة يتحقق مع اللباس الحاكي أيضا، ثم ظهر له أنه ليس بساتر.
أو ظن أن السورة الواجبة في الصلاة صادقة على آية من السورة أيضا، ثم ظهر له خطأه.
وثانيهما: أن يخطأ في مصداقه، كمن علم أن المراد بالمغرب زوال الحمرة، وظن حصوله قبل حصوله، وصلى، ثم تبين خطأه، أو علم أن القبلة الجهة المخصوصة للكعبة، وظنها في سمت، وصلى إليه، ثم ظهر خطأه. وهكذا.
فان كان من القسم الأول: فالظاهر وجوب الفعل ثانيا مع بقاء الوقت، و دليله يظهر مما مر في القسم الخامس، فان قول الشارع: صل حين المغرب، عام لكل أحد، فإذا صلى أولا قبل زوال الحمرة بظن أنه المغرب، وتبين خلافه مع بقاء الوقت، يعلم أن معناه: صل حين زوال الحمرة.
وإن شئت قلت، معناه: صل حين زوال الحمرة إذا علمت أنه المغرب، والوقت باق، والدليل عام، ولم يمتثله بذلك المعنى، فيجب امتثاله. والمناقشة بكون كل أحد متعبدا بظنه، ظهر دفعها مما سبق في الخامس.
وإن كان من القسم الثاني: فالظاهر في بادئ النظر أن الأصل عدم وجوب الفعل ثانيا، إذ ليس هناك إلا أمر واحد هو الصلاة حين علمه بزوال الحمرة، وقد أتى بها امتثلها وإن أخطأ في ذلك العلم، وليس هو سببا لتعلق أمر اخر.
والحاصل: أن معنى (صل حين المغرب أو حين زوال الحمرة) أنه صل هذا الحين إذا علمته هذا الحين، وقد علمه وصلى، فامتثل.