فيتوجه عليه منع إفادة الرواية العموم حتى يشمل ما نحن فيه، سيما بعد ملاحظة ما ذكرناه هاهنا من الأخبار في طي أدلة المحرمين وغيرها من الأدلة، وما سنذكره فيما بعد إن شاء الله.
سلمنا، لكنه يتوجه حينئذ دليلهم الثاني إيرادا على هذا الكلام، إذ لو كان يكفي الفقيه ويسقط به اعتبار حضور الإمام أو إذنه الخاص فلم لم يكن واجبا عينا، وما اقتضاه أدلة الوجوب حقيقة هو الوجوب العيني، فما وجه العدول إلى التخييري؟ سيما مع وجود الشرط.
وأما ما أجاب به في روض الجنان (1)، وكذا المحقق الشيخ علي (2) من أن الدليل الدال على الوجوب أعم من التخييري والحتمي، ولما انتفى الحتمي في حال الغيبة بالإجماع تعين الحمل على التخييري، ولولا الاجماع على عدم العيني لما كان عنه عدول.
ففيه نظر، أما أولا: فلأن ظاهر الأمر أنه حقيقة في الحتمي، إذ هو المتبادر من الأمر المطلق، كما هو المحقق، وما ذكره (رحمه الله) يعطي كون الاجماع قرينة معينة لإحدى معنيي المشترك.
فالأولى في الجواب أن يقال: القرينة قائمة على التقييد، لإطلاق تلك الأدلة، فكما أن الاجماع على ثبوت اشتراط الإذن حال الحضور قيد إطلاق الوجوب بالنسبة إلى الأشخاص والأصقاع، فكذلك الاجماع على نفي العينية في حال الغيبة قيد عينيته بالنسبة إلى الأزمان والأوان.
ويشكل ذلك بأن الاجماع قرينة على نفي عينية الوجوب، ولا شك أنه جزء معنى الأمر الحقيقي، وانتفاء العينية يستلزم انتفاء الوجوب العيني، لأنه لا معنى لبقاء الجنس بعد فقدان الفصل عند التحقيق، فمن أين يدعي الجواز واستحباب الفعل؟! ولعل ذلك هو الذي دعى الشهيد الثاني (رحمه الله) (3) إلى ما ذكره.