على كل أحد، لا يعذر الناس فيها إلا خمسة: المرأة، والمملوك، والمسافر، والمريض، والصبي (1).
وصحيحة أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من ترك الجمعة ثلاث جمع متوالية طبع الله على قلبه (2). إلى غير ذلك من الأخبار، وسيجئ بعضها أيضا.
أقول: ولا يخفى أن ما يعطيه ذلك الأخبار بإطلاقها هو مطلق الوجوب، وأما الوجوب المطلق فلا.
سلمنا ذلك، لأن المتبادر من الأوامر والإيجابات الشرعية هو الوجوب المطلق، ولكن ذلك إنما يكون لو لم يثبت الشرط من خارج، وقد أثبته الاجماع وغيره مما سنذكره إن شاء الله.
مع أنا لو سلمنا عدم الثبوت فلا أقل من حصول الشك في الشرط، والشك في الشرط يستلزم الشك في تحقق المشروط، مع أنه يجري في هذه الأخبار بعينه ما أوردناه على الآية في الوجه الرابع من الإشكال.
وبالجملة: ليس المستفاد من تلك الأخبار إلا إطلاق الوجوب، وينضم إليه أصالة عدم الشرط.
أما أصالة عدم الشرط فمع أن جريانه في ماهية العبادة محل إشكال عظيم، سيما إذا كان العبادة اسما للصحيحة، فلا يبقى معه ظن يعارض الظن الحاصل من استصحاب شغل الذمة وغيرها من الأصول الذي ذكرنا.
وأما إطلاق الوجوب ومآله حقيقة إلى أصالة الحقيقة، وإلى أنه إذا التزمنا الشرط لزم التجوز في تلك الأخبار، فهو أيضا غير ناهض على المطلوب، إذ لا ريب أن تلك الإطلاقات غير باقية على حقائقها، لكونها مشروطة بشرائط لا تحصى، منها ما هو مذكورة فيها، ومنها ما لم يذكر.