وبعبارة أخرى: يصح إيجاب الاستقبال مستقلا، وإيجاب استدبار الجدي مستقلا، وجعل العقاب على ترك كل واحد، نظرا إلى ترغيب الناس، ووصوله إلى مقصوده.
وأما الإيراد الثاني، فهو مندفع بما عرفت ذيل المقدمة الأولى: من أن الموضوعات القابلة لأن تكون محل الأحكام الاعتبارية الشرعية، أعم من كونها الوجوديات أو العدميات (1)، فإن للشارع لحاظ ترك شرب الخمر وإيجابه، ولا يجوز التصرف فيه بتوهم، أن ما هو المجعول هو الحرمة، بل المجعول هو الوجوب، وامتثال كل حكم بحسب حال موضوعه، ويكفي وجود مفسدة شرب الخمر لاعتبار الوجوب على تركه في عالم التشريع والاعتبار. ومن الخلط بين العقليات وبين الاعتباريات والتشريع، وقعت أغلاط كثيرة في كتب القوم.
ولأجل هذا التدقيق ذكرنا في محله: أن الصلاة واجبة، ولعنوان " تارك الصلاة " أحكام اخر خاصة (2)، وهذا العنوان ليس يصدق بمجرد ترك الصلاة مرة، بل هو عنوان اعتبر فيه الإدمان، ولا معنى لإرجاع تلك الأحكام إلى ترك الصلاة مرة، ولا إلى أن هذا العنوان عدم، ولا شيئية للعدم (3).
بل لنا فيما إذا ساعد الدليل، الالتزام بوجوب الفعل، وحرمة الترك، كما في مثل حلق اللحية، فإنه محرم مثلا، وهنا عنوان آخر وهو واجب، وهو عنوان " إعفاء اللحى " (4) فتدبر جيدا.