على اعتبار قصد التوصل في باب المقدمة مما لم يظهر لنا وجهه، حيث إن الكلام في المقام انما هو في مقدمة الواجب، والتفريع انما يكون في مقدمة العلم، ولا ملازمة بين البابين، لأنه هب انه لم نعتبر قصد التوصل في وقوع المقدمة على صفة الوجوب، مع ذلك يقع الكلام في المقدمة العلمية، وانه هل يعتبر في صحة المقدمة العلمية إذا كانت عبادة ان يكون قاصدا لامتثال الواجب المعلوم في البين على كل تقدير؟ أو انه لا يعتبر ذلك؟ بل يكفي قصد امتثال الواجب على تقدير دون تقدير. وتظهر الثمرة، فيما إذا تبين مطابقة ما اتى به للواقع، فإنه بناء على الأول لا يكفي عن الواقع إذا لم يكن من قصده الامتثال على كل تقدير، بل يجب عليه الإعادة. وبناء على الثاني يكفي ولا يجب عليه الإعادة. وأين هذا مما نحن فيه من اعتبار قصد التوصل في باب المقدمة؟
وبالجملة: المحكى عن الشيخ (قده) في المقام مضطرب من حيث المبنى، و من حيث ما فرع عليه، وظني ان المقرر لم يصل إلى مراد الشيخ.
وعلى كل حال: لا ينبغي الاشكال، في أنه لا يعتبر قصد التوصل في وقوع المقدمة على صفة الوجوب، فان اعتبار القصد اما ان يكون في العناوين القصدية التي يتوقف تحقق عنوان المأمور به على القصد نظير التعظيم والتأديب وغير ذلك من العناوين القصدية، واما عن جهة قيام الدليل على ذلك. وليس المقام من العناوين القصدية، ولا مما قام الدليل عليه، فمن أين يجئ اعتبار القصد في وقوع المقدمة على صفة الوجوب؟
وتوهم ان الواجب هو عنوان المقدمة، فلا بد من القصد إلى ذلك العنوان، وقصده انما يكون بقصد التوصل إلى ذيها - والى ذلك ينظر بعض ما حكى عن الشيخ (ره) في المقام - واضح الفساد، فان عنوان المقدمة ليس موضوعا للحكم بل الموضوع للحكم هو الذات، ومقدميتها انما تكون علة لثبوت الحكم على الذات، فهي تكون من قبيل علل التشريع. وبعبارة أوضح: جهة المقدمية انما تكون من الجهات التعليلية لا التقييدية، وليست المقدمية واسطة في العروض بل هي واسطة في الثبوت.