ان التوصل ما يقتضيه الامر المقدمي، وانى له باثبات ذلك بعد ما عرفت من أن ملاك إرادة المقدمة هو الاستلزام بين العدمين، لا الملازمة بين الوجودين.
ثم انه استدل صاحب الفصول (1) أيضا على عدم المانع من اعتبار خصوص المقدمة الموصلة بجواز منع المولى من غيرها وقصر الرخصة عليها، كما إذا قال: أنت مرخص في التصرف في ملك الغير المؤدى إلى انقاذ الغريق وممنوع عما عداه.
ورد بمنع ذلك، وانه ليس للمولى قصر الرخصة على خصوص المقدمة الموصلة لاستلزامه التكليف بما لا يطاق وطلب الحاصل، لان رتبة موصلية المقدمة رتبة حصول ذيها، فلا يمكن ان يريدها بهذا القيد، هذا.
ولكن الانصاف: انه لو أغمضنا عما يرد على المقدمة الموصلة من المحاذير المتقدمة لم يتوجه على استدلاله ما ذكر من الرد، لان قصر الرخصة على خصوص المقدمة الموصلة مما لا يلزم منه التكليف بغير المقدور، لأنه يكون من قبيل اشتراط الشئ بأمر متأخر، فالتوصل وان تأخر وجوده عن وجود المقدمة، وكان يحصل بالانقاذ مثلا، الا انه اخذ شرطا في جواز المقدمة، وهذا مما لا محذور فيه بعد ما كان الانقاذ فعلا اختياريا للمكلف، فيكون شرطية التوصل كشرطية الغسل للصوم، فلا يجوز له الدخول الا إذا كان من عزمه انقاذ الغريق.
ولا يرد على ذلك شئ أصلا لو قطعنا النظر عما تقدم من محاذير المقدمة الموصلة، ولكن لا يمكن قطع النظر عن تلك المحاذير، فإنها لازمة على القول باعتبار قيد التوصل لا محالة.
ثم انه ربما يوجه مقالة اعتبار المقدمة الموصلة بما حاصله: انه ليس المراد