الكلية.
فتحصل: انه لا الحاجة إلى قيام المعنى الحرفي بالغير ينافي كليته، ولا كونه ايجاديا ينافي ذلك، ومن المعلوم انه لا نرى اختلافا بين ما يوجد (بمن) في جميع موارد استعمالاتها، كما نرى الاختلاف بين ما يوجد (بمن) وما يوجد (بإلى) حيث إن ما يوجد (بمن) نسبة ابتدائية وما يوجد (بإلى) نسبة انتهائية، وهذا بخلاف ما يوجد (بمن) فإنه معنى واحد في جميع الاستعمالات. ولو كان المعنى جزئيا لكان ما يوجد بقولك: سرت من البصرة مباينا لما يوجد بقولك: سرت من الكوفة، كمباينة زيد مع عمرو، بداهة تباين الجزئيات بعضها مع بعض، وحيث نرى انه لا يكون هناك اختلاف وتباين في النسب الابتدائية التي توجدها لفظة (من) في جميع موارد الاستعمالات، فيعلم ان لفظة (من) موضوعة للقدر الجامع بين ما يوجد في تلك الموارد، ولا نعنى بكلية المعنى الحرفي الا ذلك فتأمل جيدا.
هذا تمام الكلام في المعاني الحرفية.
ثم إن شيخنا الأستاذ قد أسقط بعض المباحث التي قد تعرض لها القوم في المقدمة التي يبحث فيها عن نبذة من المباحث اللغوية، ونحن نقتفي اثره. والحمد لله أولا وآخرا.
المبحث الثاني في الصحيح والأعم وتنقيح البحث في ذلك يستدعى رسم مقدمات:
(الأولى) لا يختص النزاع في الصحيح والأعم بالقول بثبوت الحقيقة الشرعية، بل يجرى حتى على القول بعدمها، إذ لا اشكال في اطلاق الشارع ألفاظ العبادات و المعاملات على مالها من المعاني عند المتشرعة، فيقع الكلام في ذلك المعنى الذي أطلق اللفظ عليه حقيقة أو مجازا، وانه هل هو خصوص الصحيح، أو الأعم منه ومن الفاسد؟ وبعبارة أخرى: لو لم نقل بالحقيقة الشرعية، فلا اشكال في ثبوت الحقيقة المتشرعية، فيقع الكلام في المسمى عند المتشرعة، وانه هل هو الصحيح أو الأعم؟ و من المعلوم ان ما هو المسمى عند المشترعة هو المراد الشرعي عند اطلاق تلك الألفاظ،