الحروف وضعت لتستعمل في المعاني الغيرية، فلا مايز بين المعنى الحرفي والمعنى الأسمى بالهوية.
وجه الضعف: هو ان صاحب هذا القول تتركب دعواه من أمرين:
الأول: دعوى ان كلا من الحرف والاسم وضع للقدر المشترك، بين ما يستقل بالمفهومية، وما لا يستقل.
الثاني: دعوى كون عدم صحة استعمال الحرف في مقام الاسم و بالعكس انما هو لأجل منع الواضع عن ذلك في مقام الاستعمال واخذ كل من قيد الآلية والاستقلالية شرطا في ناحية الاستعمال، ولكن لا يخفى فساد كل من الامرين.
اما الأول: فلان المعنى في حاق هويته، اما ان يستقل بالمفهومية، واما ان لا يستقل، فالامر يدور بين النفي والاثبات من دون ان يكون في البين جامع، إذ ليس في المعنى تركيب من جنس وفصل حتى يتوهم وضع كل من الحرف والاسم بإزاء الجنس، وتكون الآلية والاستقلالية من الفصول المنوعة للمعنى كالناطقية والصاهلية، لما تقدم في الامر الأول من أن المعنى بسيط غاية البساطة، ليس فيه شائبة التركيب، وعليه يبتنى عدم الدلالة التضمنية، كما نوضحه في محله انشاء الله فالمعاني في وعاء العقل، كالأعراض في وعاء الخارج في كونها بسيطة لا تركيب فيها، ولذا كان ما به الامتياز فيها عين ما به الاشتراك، كما في السواد و البياض، أو السواد الشديد والضعيف، حيث كان امتياز السواد الشديد عن الضعيف بنفس السواد، وكذا امتياز السواد عن البياض انما يكون بهوية ذاته لا بالفصول المنوعة، كما في المركبات، بل السواد بما انه لون يمتاز عن البياض في حد ذاته، وكذا الشديد والضعيف مع اشتراكهما في الحقيقة يمتاز ان بنفس الحقيقة، من دون ان يكون هناك مايز خارجي، هذا حال الاعراض. وكذا الحال في المعاني، حيث إن المعاني عبارة عن المدركات العقلية التي لا موطن لها الا العقل وهي من أبسط البسائط، وامتياز بعضها عن بعض يكون بنفس الهوية، لا بالفصول المنوعة، و ليس لها جنس وفصل، فدعوى كون ألفاظ الحروف والأسماء موضوعة للقدر