الخاص، وذلك لأنه أولا: يحتاج في الوضع العام والموضوع له الخاص إلى الوضع التعييني، بان يكون هناك واضع مخصوص يتصور جامعا، ويضع اللفظ بإزاء افراده، ولا يمكن تحقق الوضع العام والموضوع له الخاص بالوضع التعيني كما لا يخفى، ومن المعلوم: ان لفظة الصلاة لم توضع كذلك إذ غايته حصول التعيني لها، سواء قلنا بالحقيقة الشرعية أو لم نقل، لان غاية ما يمكن ان يقال، هو ان الشارع استعمل لفظ الصلاة في هذه المهية مجازا، ثم كثر استعمالها في ذلك في لسانه ولسان تابعيه، حتى صارت حقيقة، فمن يدعى الحقيقة الشرعية يريد بها هذا المعنى.
واما دعوى ان الشارع من أول الامر عين لفظ الصلاة لهذه المهية على وجه النقل، فمما لا يمكن المساعدة عليها، إذ لو كان ذلك لبان ونقل مع توفر الدواعي لنقله. وبالجملة من المقطوع: انه صلى الله عليه وآله لم يرق المنبر وقال: أيها الناس انى وضعت لفظة الصلاة بإزاء هذه المهية.
وثانيا: ان ذلك بالآخرة يرجع إلى الاشتراك اللفظي، إذ لو كان الموضوع له هو خصوص الافراد المتباينة لكان لكل فرد وضع يخصه، فلا تكون لفظة الصلاة موضوعة بإزاء الجامع، إذ المسمى يكون هي الافراد حينئذ والافراد متباينة.
وثالثا: ان الوضع العام والموضوع له الخاص، انما يتصور بالنسبة إلى الافراد العرضية، وهذا لا يمكن بالنسبة إلى الصلاة، بداهة ان فردية صلاة الجالس للصلاة انما تكون بعد ثبوت الامر بها، وان الصلاة لا تسقط بحال، وما يكون فرديته متوقفة على الامر به لا يعقل اخذه في المسمى، فتأمل، فان هذا يمكن دفعه. فيدور الامر، بين ان نقول بالاشتراك المعنوي، وبين ان نقول بان لفظة الصلاة موضوعة بإزاء قسم خاص من اقسام الصلاة، وهو الجامع لجميع الاجزاء والشرائط عدا قصد القربة وأمثالها مما تكون مرتبة اعتبارها متأخرة عن مرتبة تعيين المسمى حسب ما تقدم تفصيله، ويكون اطلاق الصلاة حينئذ على سائر الأقسام بنحو العناية، بتنزيل الفاقد لبعض الاجزاء والشرائط منزلة الواجد ادعاء، على ما ذهب إليه السكاكي في الحقيقة الادعائية.