خارجين؟ وأي معنى لهذا التقييد حينئذ وما فائدته؟ ولكن بالبيان الذي بيناه، اتضح مراده (قده) من كون كل من التقييد والقيد خارجين.
وحاصله: انه بعد ما كان قوام المعنى الحرفي بالغير، وكان وجوده بعين استعماله، فالخصوصية اللاحقة له باعتبار ذلك الغير، كالبصرة في قولك: سرت من البصرة، ومكة في قولك: سرت من مكة، هل هي مما يتقوم بها المعنى الحرفي و لاحقة له بالهوية؟ على نحو التقييد داخل والقيد خارج، لان نفس ذلك الغير خارج عن المعنى الحرفي قطعا، لأنه معنى اسمى فالذي يمكن هو دخول التقيد، أو ان تلك الخصوصية خارجة عن المعنى الحرفي؟ على نحو خروج القيد، وهي من لوازم التحقق في موطن الاستعمال، حيث لا يمكن ايجاد المعنى الحرفي الا باحتفافه بخصوصية خاصة لاحقة له في موطن الاستعمال، نظير المحل الذي يحتاج إليه العرض في التحقق مع أنه خارج عن هوية ذاته ومما لا يتقوم به معنى العرض، فان كان على الوجه الأول فيكون الموضوع له خاصا، ان كان على الوجه الثاني فيكون الموضوع له عاما كالوضع.
وبما ذكرنا ظهر الفرق بين عموم الموضوع له في الأسماء، وبين عموم الموضوع له في الحروف، فان عموم الموضوع له في الأسماء، انما يكون على وجه يصح حمله على ماله من الافراد الخارجية، نحو حمل الكلي على الفرد بالحمل الشايع الصناعي الذي يكون ملاكه الاتحاد في الوجود، كما يقال: زيد انسان، وهذا فرس، وما شابه ذلك. وهذا بخلاف عموم الموضوع له في الحروف، فإنه ليس له افراد خارجية يصح حمله عليها، إذ قوام المعنى الحرفي بالايجاد، بحيث لا موطن له الا الاستعمال على ما تقدم، والشئ الذي يكون قوامه بالوجود ليس له وراء ذلك خارج يمكن حمله عليه، كما كان للمفهوم الكلي الأسمى خارج من افراده الموجودة يمكن حمله عليه.
وبالجملة: فرق بين اتصاف المعنى الحرفي بالكلية، واتصاف المعنى الأسمى بالكلية، فان الكلية في الأسماء عبارة عما كان ينطبق على الخارجيات، و يحمل عليها بالحمل الشايع الصناعي، كزيد انسان. واما الكلية في الحروف