العموم والمدخول انما سيقت لبيان الحكم النفس المري، وليست القاعدة جزء مدلول الأداة ولا جزء مدلول المدخول.
نعم: قد يعبر عن العام بالقاعدة، الا ان المراد من القاعدة هي القاعدة العقلائية: من حجية الظهور، وأصالة العموم. وقد تكون القاعدة مجعولة شرعية، كاصالة الطهارة والحل، وأمثال ذلك من الاحكام الظاهرية. وأين هذا من العام المسوق لبيان الحكم الواقعي؟ والحاصل: ان تفكيك الإرادة الاستعمالية عن الإرادة الواقعية مما لا محصل له، بل العام قبل ورود التخصيص عليه وبعده يكون على حد سواء في تعلق الإرادة به وان هناك إرادة واحدة متعلقة بمفاده، فهذا الوجه ليس بشئ.
بل التحقيق، هو ان يقال: ان كل من أداة العموم ومدخولها لم يستعمل الا في معناه، والتخصيص سواء كان بالمتصل أو بالمنفصل، وسواء كان التخصيص أنواعيا أو أفراديا، وسواء كانت القضية حقيقية أو خارجية، لا يوجب المجازية، لا في الأداة، ولا في المدخول.
اما في الأداة: فلان الأداة لم توضع الا للدلالة على استيعاب ما ينطبق عليه المدخول، وهذا لا يتفاوت الحال فيها بين سعة دائرة المدخول، أو ضيقه. فلا فرق بين ان يقال: أكرم كل عالم، وبين ان يقال: أكرم كل انسان، فان لفظة (كل) في كلا المقامين انما تكون بمعنى واحد، مع أن الثاني أوسع من الأول وذلك واضح.
واما في المدخول: فلان المدخول لم يوضع الا للطبيعة المهملة المعراة عن كل خصوصية، فالعالم مثلا لا يكون معناه الا من انكشف لديه الشئ، من دون دخل العدالة، والفسق، والنحو، والمنطق فيه أصلا. فلو قيد العالم بالعادل أو النحوي أو غير ذلك من الخصوصيات والأنواع، لم يستلزم ذلك مجازا في لفظ العالم، لأنه لم يرد من العالم الا معناه ولم يستعمل في غير من انكشف لديه الشئ، والخصوصية انما استفيدت من دال آخر. وعلى هذا لا يفرق الحال بين ان يكون القيد متصلا بالكلام، أو منفصلا، أو لم يذكر تقييد أصلا لا متصلا ولا منفصلا، ولكن كان المراد من العالم هو العالم العادل مثلا، فإنه في جميع ذلك لم يستعمل العالم الا في