فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ١-٢ - الصفحة ٢٧٤
(الامر الرابع) لا اشكال في خروج العلل العقلية عن حريم النزاع مط بجميع أقسامها و شؤونها: من البسيطة، والمركبة، والتامة، والناقصة، والشرط، والمقتضى، وعدم المانع، والمعد، وكل ما يكون له دخل في التأثير، سواء كان له دخل في تأثير المقتضى كالشرط وعدم المانع، أو كان له دخل في وجود المعلول بحيث يترشح منه وجود المعلول كالمقتضى، فان امتناع تأخر بعض اجزاء العلة عن المعلول من القضايا التي قياساتها معها، ولا يحتاج إلى مؤنة برهان، لان اجزاء العلة بجميع أقسامها تكون مما لها دخل في وجود المعلول على اختلاف مراتب الدخل حسب اختلاف مراتب اجزاء العلة من الجزء الأخير منها إلى أول مقدمة اعدادية، ويشترك الكل في اعطاء الوجود للمعلول، ومعلوم: ان فاقد الشئ لا يكون معطي الشئ، وكيف يعقل الإفاضة والرشح مما لا حظ له من الوجود.
وبالجملة: امتناع الشرط المتأخر في باب العلل العقلية أوضح من أن يحتاج إلى بيان بعد تصور معنى العلية والمعلولية. وعليك بمراجعة (1) ما علقه السيد

(١) هذا إشارة إلى ما ذكره الفقيه الجليل السيد محمد كاظم الطباطبائي في التعليقة في دفع ما افاده الشيخ قدس سره في المكاسب من عدم الفرق في استحالة تأثير المتأخر في المتقدم شرطا كان أو سببا بين الأمور العقلية والشرعية.
توضيح ذلك:
ان صاحب الجواهر قدس سره التزم بكاشفية الإجازة في العقد الفضولي وذكر ان استحالة تأثير المتأخر في المتقدم سببا كان أو شرطا تختص بالأمور العقلية، واما الاعتباريات ومنها المجعولات الشرعية ليست مجرى هذه القاعدة، وذكر ان الشارع كثيرا ما جعل ما يشبه تقديم السبب على المسبب كغسل الجمعة يوم الخميس واعطاء الفطرة قبل وقته فضلا عن تقدم المشروط على الشرط كغسل الفجر بعد الفجر للمستحاضة الصائمة و..
ودفعه الشيخ قدس سره: بأنه لا فرق فيما فرض شرطا أو سببا بين الشرعي وغيره، وتكثير الا مثلة لا يوجب وقوع المحال العقلي.
وأورد عليه السيد في حاشيته على المكاسب بما هذا لفظه:
" ودعوى ان ذلك من المحال العقلي، وتكثير الأمثلة لا يوجب وقوعه مدفوعة.
أولا: بان الوجه في الاستحالة ليس الا كونه معدوما ولا يمكن تأثير المعدوم في الموجود وهذا يستلزم عدم جواز تقدم الشرط أيضا على المشروط، لأنه حال وجود المشروط معدوم، وكذا تقدم المقتضى واجزائه، ولازم هذا التزام ان المؤثر في النقل (التاء) من قوله: (قبلت) وان الاجزاء السابقة ليست بمؤثرة أو انها معدات.
وثانيا: بامكان دعوى ان المؤثر انما هو الوجود الدهري للإجازة وهو متحقق حال العقد وانما تأخره في سلسلة الزمان.
وثالثا: نقول: ان الممتنع انما هو تأثير المعدوم الصرف، لا ما يوجد ولو بعد ذلك.
ورابعا: على فرض تسليم الامتناع نقول: ان ذلك مسلم فيما إذا كان المؤثر تاما لا مجرد المدخلية، فان التأخر في مثل هذا مما لا مانع منه، وأدل الدليل على امكانه وقوعه اما في الشرعيات ففوق حد الاحصاء، واما في العقليات فلان من المعلوم ان وصف التعقب مثلا متحقق حين العقد مع أنه موقوف على وجود الإجازة بعد ذلك ، فان كانت في علم الله موجودة فيما بعد فهو متصف الان بهذا الوصف والا فلا، لا يقال: انه من الأمور الاعتبارية.
لأنا نقول: لو لم يكن هناك معتبر أيضا يكون هذا الوصف متحققا، وكذا الكلام في وصف الأولوية والتقدم مثلا يوم أول الشهر متصف الان بأنه أول، مع أنه مشروط بوجود اليوم الثاني بعد ذلك ومتصف بالتقدم فعلا مع أنه مشروط بمجيئ التأخر، وهكذا الجزء الأول من الصلاة متصف بأنه صلاة إذا وجد في علم الله بقية الاجزاء، وكذا لو اشتغل بتصوير صورة من أول الشروع يقال: انه مشتغل بالتصوير بشرط ان يأتي ببقية الاجزاء، وهكذا امساك أول الفجر صوم لو بقى إلى الآخر، وكذا لو هيأ غذاء للضيف يقال: انه فيه مصلحة وليس بلغو إذا جاء الضيف بعد ذلك، والا فهو من أول الامر متصف بأنه لغو، وكذا لو حفر بئرا ليصل إلى الماء فإنه متصف من الأول بعدم اللغوية ان وصل إليه، والا فباللغوية، وهكذا إلى ما شاء الله من اتصاف شئ بوصف فعلى مع اناطته بوجود مستقبلي.
بل أقول: لا مانع من أن يدعى مدع ان النفوس الفلكية والأوضاع السماوية والأرضية كما أن كل سابق معد لوجود اللاحق كذلك كل لاحق له مدخلية في وجود السابق.
بل يمكن ان يقال: ان جميع اجزاء العالم مرتبطة بمعنى انه لولا هذا لم يوجد ذاك وبالعكس، فلو لم يوجد الغد لم يوجد اليوم، وهكذا، فجميع العالم موجود واحد تدريجي ولا يمكن ايجاد بعضه من دون بعض والانصاف:
انه لا ساد لهذا الاحتمال ولا دليل على بطلان هذا المقال.. " (حاشية السيد على المكاسب. كتاب البيع. في تحقيق وجوه الكشف والنقل ص 150
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست