المعنى أمر قار مستمر، فظهر مما ذكرنا أنه لا إشكال في جريان الاستصحاب في الزمان كاليوم والليل، وترتيب مالهما من الآثار فضلا عن الزمانيات المنطبقة على الزمان إذا كان الشك فيها من جهة الشك في انتهاء حركته ووصوله إلى المنتهى، وأما إذا كان من جهة الشك في كميته ومقداره كما في نبع الماء وجريانه وخروج الدم وسيلانه فيما كان سبب الشك أنه هل بقي في المنبع والرحم شيء غير ما سال وجرى منهما؟ فيشكل جريان الاستصحاب، لأن الشك ليس في جريان شخص ما كان جاريا، بل في حدوث جريان آخر، فتدبر.
ويمكن أن يقال: لا يختل بذلك ما هو الملاك في جريانه عرفا، غايته أنه يكون من باب استصحاب الكلي لو منع كونه من استصحاب الشخص، والأقسام المذكورة في الاستصحاب من الشخصي والكلي بأقسامه الثلاثة جارية في الأمور التدريجية، فتأمل. هذا بالنسبة إلى الزمان والزمانيات.
وأما الفعل المقيد بالزمان كالصوم المقيد بالنهار فإن كان الشك في بقائه من جهة الشك في بقاء قيده فلا إشكال في استصحاب بقاء القيد وترتيب الحكم، وهو وجوب الامساك، كما لا إشكال في استصحاب نفس المقيد وهو أن الامساك كان قبل هذا الآن في النهار والآن كما كان لو لم يكن إشكال المثبتية كما قيل، وان كان الشك في بقائه من جهة أخرى كما إذا شك في أن هذا الزمان دخيل في أصل المطلوب حتى لا يكون طلب في غيره أو في مطلوب الأتم الأكمل حتى الطلب باقيا في غيره، فهنا لا مجال لاستصحاب القيد، وأما استصحاب الحكم فلا مانع منه إن أخذ الزمان ظرفا، وعدمه إن أخذ قيدا كما لا يخفى.
والاشكال بأن الزمان من قيود الموضوع وإن أخذ ظرفا فلا فرق بين القسمين مندفع، بأن هذا بالنظر الدقيق العقلي لا بالنظر المسامحي العرفي، الذي هو الملاك في هذا الباب.
والإشكال بأنه بالنظر العقلي إذا كان استصحاب العدم جاريا وبالنظر العرفي استصحاب الوجود فيجري الاستصحابان لثبوت كلا النظرين ويتعارضان مدفوع،