وان كان ذاك فمرتفع جزما فكيف يمكن استصحابه نعم يمكن استصحاب الفرد المردد فيما إذا كان كل واحد من الخاصين على تقدير تحققه كان محتمل البقاء كما ذكرنا سابقا، وأما إذا كان الشك في بقاء الكلي من جهة الشك في قيام فرد آخر مقام الفرد الذي قطع بتحقق الكلي في ضمنه، فالشك فيه تارة يكون من جهة احتمال وجود فرد آخر مقارن معه في الوجود، وأخرى من جهة احتمال حدوث فرد آخر مقارن لعدمه، وثالثة من جهة احتمال تبدله بفرد أشد أو أضعف، فهل يجري الاستصحاب الكلي مطلقا، أو لا يجري مطلقا، أو يفصل بين القسم الأول وغيره؟ فالشيخ (قدس سره) قوى الأخير (1)، وفي الكفاية اختار عدم جريان الاستصحاب (2)، وهو الأظهر، وذلك لأنه لابد في الاستصحاب من اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة، إذ لو لم يكن كذلك لم يمكن رفع اليد عن اليقين السابق بواسطة الشك نقضا، ولم يصدق قوله: " لا تنقض اليقين بالشك " ومعلوم أن الحصة الموجودة من الكلي في ضمن فرد الحصة الموجودة منه في ضمن فرد غير آخر، سواء احتمل تقارنه معه في الوجود أو مقارنته مع عدمه، فالذي قطعنا بوجوده - وهو الكلي الموجود في ضمن هذا الفرد - قد ارتفع يقينا، والذي نشك في بقائه - وهو الكلي الموجود في ضمن فرد آخر - لم نقطع بحدوثه، فالذي قطع بحدوثه قطع بارتفاعه أيضا، والذي شك في بقائه شك في حدوثه أيضا، فلم تتحد القضية المتيقنة والمشكوكة. نعم لو كان التفاوت بين المتيقن حدوثه والمشكوك بقاؤه بحسب الرتبة والشدة والضعف، مثل الوجوب والندب والحرمة والكراهة والسواد الشديد والضعيف، بحيث يصدق الاتحاد عرفا، وإن لم يصدق عقلا لا مانع من جريانه، ولكن الأمر في الوجوب والاستصحاب والحرمة والكراهة ليس كذلك، للمباينة العرفية، فظهر أن استصحاب الكلي بالنسبة إلى الأحكام لا يجري في شيء من هذه الاقسام الثلاثة من القسم الثالث، لتضادها وتباينها، وبالنسبة إلى غيرها يجري في القسم الثالث منها مثل السواد الذي كان موجودا في ضمن
(٧٤٩)