الواقعي، ففي الصورة الأولى لما لم يكن الوضوء ضرريا فلم يكن خارجا عن العموم، ولم يكن تكليفه التيمم، فيكون باطلا، وفي الصورة الثانية بالعكس، فيكون وضوؤه باطلا. وهذا وإن ذهب إليه بعض إلا أنه خلاف المشهور، فإنهم حكموا بالصحة في الصورتين ولعل الوجه في الحكم بالصحة كون ورود " لا ضرر " في مقام الامتنان وهو يقتضي أن يكون المدار في الضرر وعدمه على اعتقاد المكلف، فالحكم بالبطلان في الصورتين ينافي الامتنان.
ويمكن التفصيل بين الصورتين بالبطلان في الأولى والصحة في الثانية بلحاظ أن المكلف إذا اعتقد كون الوضوء ضرريا ولم يكن في الواقع ضرريا فالتكليف بالوضوء وإن كان منفيا عنه بلا ضرر، لأنه لو لم يكن مرفوعا يلزم خلاف الامتنان، إلا أنه لا يثبت التكليف بالتيمم فيكون باطلا، إذ قاعدة لا ضرر حاكمة على أدلة الأحكام ورافعة للأحكام التي يلزم من وجودها الضرر، لا مثبتة للأحكام التي ينشأ من عدمها ضرر، بخلاف الصورة الثانية فإنه إذا اعتقد المكلف عدم تضرره بالوضوء فلا ينفي " لا ضرر " وجوبه الواقعي، إذ لا امتنان في نفيه فيكون وضوؤه صحيحا، فتأمل.
ولكن الأوجه هو القول الثاني كما اختاره الشيخ (1) (قدس سره) إذ الحكومة لا تقتضي أزيد من نفي ما ينشأ منه الضرر، وبنفي فعلية الحكم يرتفع الضرر، فلا حاجة إلى نفي أصله نظير ما إذا كان للشيء الذي يتضرر به المكلف حكمان وبرفع أحدهما يرتفع الضرر، فإذا كان أحدهما في طول الآخر فيرتفع المتأخر، وإن كان في عرضه فيتخير، فتدبر.
والانصاف أن للبحث في هذه الجهة وتطبيق الفروع الفقهية في العبادات والمعاملات مجال واسع.
الخامسة: في بيان أن المراد بالضرر المنفي هو الضرر الشخصي أو النوعي، مقتضى حكومة " لا ضرر " على الأحكام الأولية وورود هذه القاعدة في مقام