جهة اختفائه بعد تبليغه فتعم المدعى.
ولكن الكلام في تمامية دلالتها، وذلك لأن الموصول في قوله (صلى الله عليه وآله):
" مالا يعلمون " إن كان المراد به خصوص الحكم الشرعي الكلي الذي يكون منشأ جهله هو اختفاؤه وعدم وصوله إلى المكلفين لا الحكم الجزئي الذي يكون الجهل به من جهة الجهل بموضوعه. وبعبارة أخرى إن كان المراد به الشبهات الحكمية لا الموضوعية تتم دلالتها على المدعى.
إلا أن إرادة خصوص الحكم منه خلاف ظاهر الرواية وتحتاج إلى قرينة لو لم نقل بأن إرادة خصوص الحكم منه مقطوع العدم بقرينة سائر الفقرات التي أريد منها الأفعال الخارجية كالخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وما لا يطيقون، إذ من البعيد جدا أن يراد من سائر الفقرات سيما الفقرات التي فيها لفظة " ما " خصوص الأفعال ويراد منه في هذه الفقرة خصوص الحكم.
وإن كان المراد به خصوص الأفعال بقرينة سائر الفقرات فلا دلالة لها على المدعى، لأن الكلام في أن الحكم الغير المعلوم هل هو مرتفع أم لا؟ وهذه الرواية - على هذا - لا تدل على رفعه وإنما تدل على رفع الفعل الخارجي الغير المعلوم عنوانه وإن كان المراد به الأعم من الفعل الخارجي والحكم الشرعي يلزم استعمال لفظ " ما " في أكثر من معنى لامن جهة عدم وجود الجامع بين الفعل الخارجي والحكم الشرعي حتى يقال بإمكان تصوير الجامع بينهما فيراد منه الجامع بلا لزوم استعمال اللفظ في المعنيين، بل من جهة أن نسبة الرفع إليه بلحاظ أن المراد منه الفعل الخارجي بالعناية ونسبته إليه بلحاظ أن المراد منه الحكم الشرعي بلا عناية، لأنه قابل للرفع والوضع بنفسه بخلاف الفعل الخارجي، وبعبارة أخرى إسناد الرفع إليه بلحاظ كون المراد به الفعل الخارجي إسناد إلى غير ما هو له وإسناده إليه بلحاظ كون المراد به الحكم الشرعي إسناد إلى ما هو له، ولا جامع بين الاسنادين.
فلابد من أن يراد من لفظ " ما " كل واحد منهما مستقلا، ليكون إسناد الرفع إليه