تعذيب قوم نوح (عليه السلام) وغيرهم من الأمم الذين أمهلم الله تعالى مدة مديدة، على هذا لا دلالة للآية على المدعى وهو عدم التكليف بالمجهول وعدم العقاب الأخروي عليه، ومع الغض عن هذا الايراد وتسليم دلالة الآية على عدم العقاب الأخروي على المجهول نقول: إن ظاهر الآية نفي فعلية العذاب قبل بعث الرسول وقبل البيان فإن كان هم القائلين بالبراءة هو ذلك فالآية تدل على مدعاهم، وإن كان همهم نفي استحقاق العقاب فالآية لا تدل عليه، لأن ظاهرها نفي التعذيب الفعلي الخارجي لا استحقاق العقاب.
ثم إنه حكي أن الفاضل التوني تمسك بهذه الآية في هذا المقام على المدعى، وهو عدم التكليف بالمجهول، ورد على من استدل بها في مسألة الملازمة بين حكم العقل والشرع على عدم الملازمة بأن نفي فعلية التعذيب أعم من نفي الاستحقاق (1).
وأورد عليه المحقق القمي بأنه تناقض (2)، لأن الإخبار بنفي التعذيب إن دل على عدم التكليف شرعا فلا وجه للثاني، وهو الرد على من استدل بهذه الآية على عدم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع، وإن لم يدل على عدم التكليف شرعا فلا وجه للأول وهو التمسك بها على عدم التكليف بالمجهول وبلا بيان.
ودفع الشيخ (قدس سره) إشكال لزوم التناقض عن كلام الفاضل بأن عدم فعلية التعذيب في هذا المقام يكفي، لأن الخصم يدعي أن في ارتكاب الشبهة الوقوع في العقاب والهلاك فعلا من حيث لا يعلم، كما هو مقتضى رواية خبر التثليث ونحوها التي هي عمدة أدلتهم.
ويعترف بعدم المقتضي للاستحقاق على تقدير عدم الفعلية، فيكفي في عدم الاستحقاق نفي الفعلية بخلاف مقام التكلم في الملازمة، فإن المقصود فيه إثبات الحكم الشرعي في مورد حكم العقل، وعدم ترتب العقاب على مخالفته لا ينافي