فتواهم عن وجود دليل معتبر ولو لم نعثر عليه، كذلك يكشف عن احتفاف هذه الرواية الضعيفة عندهم بما يوجب الظن أو الوثوق بصدوره، لكن هذا فيما إذا كان ملاك الحجية عند المشهور هو الظن أو الوثوق بالصدور كما هو كذلك عندنا، فتأمل وإن كان حاصلا من غير الشهرة فلا يجبر به ضعف سند الرواية، لأن الرواية بواسطة مطابقة مضمونها مع هذا الظن الحاصل من غير الشهرة من أسباب الظن لا تصير مظنون الصدور أو موثوق الصدور، ولا تدخل تحت أدلة حجية خبر المظنون أو الموثوق صدوره الذي هو ملاك الحجية.
وأما كونه جابرا للرواية دلالة فكذلك يفصل أيضا بين الشهرة الفتوائية وغيرها من أسباب الظن، فإن كان الظن حاصلا من الشهرة يجبر به ضعف دلالة الرواية، وصيرورتها ظاهرة في هذا المعنى المطابق للشهرة بحيث لو لم تكن الشهرة لما كانت ظاهرة فيه، لكشفها عن احتفافها بقرائن موجبة لظهورها عرفا في هذا المعنى كما هو ملاك حجية ظواهر الألفاظ لا الظن الشخصي الفعلي الحاصل من نفس اللفظ، وإن كان الظن حاصلا من غير الشهرة من الأسباب المفيدة له كالأولوية والاستحسان ونحوهما فلا يجبر به ضعف الدلالة، لعدم تحقق الظهور العرفي لها بواسطة هذا الظن.
وأما كونه موهنا للرواية سندا بحيث لو لم يكن هذا الظن لكانت الرواية واجدة لشرائط الحجية وبواسطة هذا تصير فاقدة لشرائطها، فلابد أن يلاحظ أيضا أن ملاك الحجية أي شيء؟ فإن كان الملاك كون الراوي عادلا فهذا الظن لا يوجب خروج هذه الرواية عن تحت أدلة حجية خبر العادل، لأن وجود هذا الظن لا يوجب أن يصير العادل غير عادل وإن كان الملاك هو كون الخبر مظنون الصدور أو موثوق الصدور فيفصل بين الظن الحاصل من الشهرة فيوجب وهن الرواية وسقوطها عن درجة الحجية والاعتبار، لأن انعقاد الشهرة على خلاف الرواية مع كونها بمرآهم ومسمعهم يكشف عن وجود خلل موجب لسقوطها عن الحجية وبين الظن الحاصل من غيرها، فلا يوجب وهن الرواية وسقوطها عن الحجية،