الظاهر من كلام الشيخ (قدس سره) (1) بالنسبة إلى نفس الأصول، وصريحه بالنسبة إلى المجاري. أما عدم الحصر العقلي بالنسبة إلى الأصول، فلوضوح عدم المانع عقلا من أن يعتبر الشارع قاعدة أخرى كقاعدة اليقين - مثلا - في بعض تلك المجاري ويشاركها مع الأصل الجاري فيها بأن تختص هذه ببعض أحوالها وذلك ببعض أحوالها. وأما انحصار المجاري، فلأن الحالة السابقة عند عدم اللحاظ قد لا تلاحظ بالكلية وقد لا تلاحظ بعضها دون بعض، كما إذا كانت الحالة السابقة هو الوجوب ولوحظ لدى الشك رجحانه دون منعه من الترك مثلا، فعند عدم اللحاظ بالكلية يجري سائر الشقوق دون عدم لحاظه في الجملة، كما لا يخفى.
فعلى هذا لابد أن يلاحظ المجتهد في كل مسألة يرد عليها من المسائل التي ليس فيها علم ولا علمي أن مقتضى عموم النقل أو حكم العقل فيها أي شيء؟ من غير نظر إلى هذه الأصول الأربعة، بل يفرضها كأنه لم يسمع أساميها، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأنظار، فربما تكون بنظر شخص أربعة، وربما تكون أزيد، وربما تكون أقل كما هو كذلك عند القائلين بعدم حجية الاستصحاب أو عدم حجية البراءة إما مطلقا أو في الشبهات التحريمية كالاخباريين (2).
والحاصل: أن كل من حصر الأصول العملية بالأربعة فذلك الحصر إنما هو بمقتضى عقله فكل مجتهد لابد أن يلاحظ مقتضى عقله فربما يوافقه وربما يخالفه؟ وبالجملة كل مجتهد ترد عليه مسألة لا تكون فيها حجة منجعلة ولا حجة مجعولة لابد أن يلاحظ أن مقتضى عموم النقل أو حكم العقل فيها أي شيء؟ فربما تكون الأصول بنظره منحصرة بالأربعة، وربما تزيد، وربما تنقص.
وكيف كان فقد قسم الشيخ (قدس سره) (3) في هذا المقام الشك في التكليف إلى ثلاثة أقسام، لأن الشك إما بين الحرمة وغير الوجوب، أو بين الوجوب وغير الحرمة، أو