معرفته له بغير الحدس كما مر في المثال، وهو بعيد في زمان الغيبة.
وكذلك لا إشكال في حجيته فيما إذا لم يكن متضمنا لنقل المسبب، بل كان متمحضا لنقل السبب عن حس، إلا أنه كان سببا بنظر المنقول إليه عقلا أو عادة أو اتفاقا فيعامل - حينئذ - مع المنقول معاملة المحصل في الالتزام بمسببه بآثاره وأحكامه، فيكون الإخبار بفتاوى العلماء المستلزمة لقول الإمام (عليه السلام) عقلا أو عادة أو اتفاقا نظير الإخبار بالأفعال الظاهرية التي يستكشف منها العدالة والشجاعة ونحوهما من الملكات والصفات النفسانية فيما إذا كانت تلك الأفعال كاشفة عنها بنظر المخبر له كما أنها كاشفة بنظر المخبر، فإخباره بفتاوى العلماء لما كان عن حس بالسماع منهم أو الوجدان في كتبهم كان حجة لشمول أدلة حجية خبر الواحد له، فيكون المنقول بمنزلة المحصل للمنقول إليه، والفرض أنه سبب عند المنقول إليه لاستكشاف قول الإمام (عليه السلام).
وأما إذا كان نقله للمسبب لا عن حس كما في الوجه الأول ولا بملازمة ثابتة بين المخبر به وقول الإمام (عليه السلام) عند الناقل والمنقول إليه، بل عند الناقل فقط بوجه من الوجوه ففيه إشكال، أظهره عدم الحجية، لعدم شمول أدلة حجية خبر الواحد له، إذ المتيقن من بناء العقلاء والمنصرف من الآيات والروايات التي استدلوا بها على حجية خبر الواحد هو الإخبار عن حس، سواء كان المخبر به بنفسه محسوسا أو بلوازمه وآثاره، خصوصا فيما إذا اعتقد المنقول إليه خطأ الناقل في اعتقاد الملازمة بين فتاوى المجمعين وبين قول الإمام (عليه السلام) هذا فيما إذا انكشف الحال وعلم أن إخباره برأي الإمام (عليه السلام) عن حدس.
وأما لو اشتبه فلا يبعد أن يقال بالاعتبار، لأن عمدة أدلة حجية خبر الواحد هو بناء العقلاء وهم كما يعملون بخبر الثقة فيما إذا كان عن حس كذلك فيما يحتمل أن يكون من حدس، حيث إنه ليس بناءهم فيما إذا أخبروا بشيء على الفحص والتفتيش عن أنه عن حس أو حدس، بل يعملون على طبقة فيما لا يكون هناك أمارة على الحدس أو اعتقاد الملازمة فيما لا يرون ملازمة.