للاجتناب، أو كان جزء الموضوع بأن يكون لكل من القطع والواقع المقطوع دخل فيه، بحيث لا يترتب الحكم إلا على المجموع منهما كما إذا قال: " الخمر المقطوع يجب الاجتناب عنه " يمكن أن يكون من جهة أنه فرد ومصداق للطريق، ويمكن أن يكون من جهة أنه طريق مخصوص.
فإن كان مأخوذا على الوجه الأول فتارة يكون تمام الموضوع، وأخرى يكون جزء الموضوع، فإن كان تمام الموضوع كما إذا قال: " إن قطعت بخمرية شيء يجب الاجتناب عنه، فهو كما إذا قال: " إن قام عندك طريق على خمرية شيء يجب الاجتناب عنه " فإن كان للخمرية أثر آخر غير هذا الأثر - أعني وجوب الاجتناب - فحينئذ تقوم الأمارات وبعض الأصول مقامه، لأن طريقيتها مجعولة بلحاظ الأثر الآخر الذي للمتعلق، فيتحقق للطريق فردان، أحدهما: القطع الذي فرديتة ذاتية والآخر الأمارة التي فرديتها تعبدية.
فإذا قطع بالخمرية أو قامت البينة عليها يجب الاجتناب، لأن كلا منهما طريق والفرض أن تمام الموضوع لوجوب الاجتناب هو ما قام الطريق على خمريته، سواء كانت طريقيته منجعلة أو مجعولة، وإن لم يكن للخمرية أثر غير هذا الأثر - وهو وجوب الاجتناب - فلا تقوم الأمارات والأصول مقامه، لأن هذا الأثر ترتب على ما قام الطريق على خمريته، فلابد أولا من إحراز الموضوع وهو قيام الطريق حتى يترتب عليه هذا الأثر، والفرض أن طريقيته أيضا متوقفة على ثبوت هذا الأثر، لأن المفروض أنه ليس لها أثر غير هذا الأثر، فيلزم الدور، إذ ترتيب هذا الأثر متوقف على طريقية الطريق، والأمارة وطريقيته متوقفة على هذا الأثر إذ لو لم يكن هذا الأثر يكون جعله طريقا لغوا، لأن المفروض عدم أثر آخر، فتدبر.
وكذا إذا كان جزء الموضوع كما إذا قال: يجب الاجتناب عن الخمر المقطوع، فإن كان للخمر أثر غير هذا الأثر فيمكن جعل الأمارة بلحاظ ذلك الأثر، وإذا صارت مجعولة فتقوم مقام القطع في ترتيب وجوب الاجتناب الذي فرض أن القطع بما أنه فرد من الطريق جزء موضوعه، وإن لم يكن للخمر أثر غير هذا الأثر