وقانونا، وإلا لانسد باب التمسك بالإطلاقات، إذ ما من مطلق إلا وقد قيد، كما أنه ما من عام إلا وقد خص.
ثم إنه لا إشكال في صحة التمسك بالإطلاق فيما أحرز أن المتكلم كان بصدد بيان تمام مراده، وأما إذا شك في أنه هل كان بصدد بيان تمام مراده أم لا، هل يمكن التمسك بالإطلاق أم لا؟ فيه إشكال، لا يبعد أن يقال: إن الأصل في مورد الشك في أن المتكلم كان في مقام البيان أم لا؟ هو كونه في مقام البيان، ولذلك جرت سيرة العقلاء من أهل المحاورات على التمسك بالإطلاقات فيما لم يكن هناك ما يوجب صرف وجهها إلى جهة خاصة. ولذا ترى المشهور لا يزالون يتمسكون بالإطلاقات مع عدم إحراز كون مطلقها في مقام البيان وبعد كون تمسكهم بها من جهة ذهابهم إلى كون المطلق موضوعا للشياع والسريان.
ثم إنه قد انقدح بما عرفت من توقف حمل المطلق على الإطلاق فيما لم تكن هناك قرينة حالية أو مقالية على قرينة الحكمة المتوقفة على المقدمات المذكورة أنه لا إطلاق له فيما كان له الانصراف إلى خصوص بعض الأفراد أو الأصناف، لظهوره فيه أو كونه متيقنا منه، ولو لم يكن ظاهرا فيه بخصوصه حسب اختلاف مراتب الانصراف، كما أن منها ما لا يوجب ذا ولا ذاك، بل يكون بدويا زائلا بالتأمل، كما أن منها ما يوجب الاشتراك أو النقل.
لا يقال: كيف يكون ذلك وقد تقدم أن التقييد لا يوجب التجوز في المطلق أصلا فكيف يحصل الاشتراك أو النقل قبل سبق التجوز؟
فإنه يقال: مضافا إلى أنه إنما قيل: إنه لا يستلزم ذلك لا أنه يستلزم عدمه، فعدم تحقق التجوز إنما هو لعدم استلزامه لا عدم إمكانه، فإن استعمال المطلق في المقيد بمكان من الإمكان -: إن كثرة إرادة المقيد من المطلق لدى إطلاقه ولو بدال آخر ربما تبلغ بمثابة توجب له مزيد أنس كما في المجاز المشهور، أو تعينا واختصاصا به كما في المنقول بالغلبة.
فيكون حاصل ذلك: أن الذي أوجب الاشتراك أو النقل ليس استعمال المطلق