وفي التأييد أيضا أن جواز الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات إنما هو من جهة دليل خاص كاشف عن رجحانهما ذاتا وإنما لم يأمر الشارع بهما وجوبا أو استحبابا لمانع يرتفع بالنذر، وإما لصيرورتهما راجحين بتعلق النذر لو قلنا بكفاية الرجحان الناشئ من قبل النذر في صحة تعلق النذر لو لم نقل بتخصيص أدلة اعتبار الرجحان في متعلق النذر بهذا الدليل. ويؤيد أن الجواز في المقامين إنما هو من جهة الدليل الخاص لا من جهة عموم الوفاء بالنذر أن التمسك بهذا العموم إنما يجوز بناء على هذا القول فيما إذا شك في الجواز وعدمه لا فيما إذا قطع بحرمته ولعل الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات بدون النذر يكونان محرمين كما يستظهر من بعض الأخبار (1) فراجع وتأمل.
ثم إنه إذا شك في فردية فرد للعام مع العلم بخروجه عن حكم العام كما إذا علم أن زيدا محرم الإكرام ولا يعلم أنه خرج عن عموم " أكرم العلماء " تخصيصا أي أنه من أفراد العلماء ولكنه خرج عن حكمهم أو تخصصا أي أنه ليس من أفراد العلماء، فهل يجوز التمسك بأصالة العموم والحكم بأن خروجه من باب التخصص وترتيب آثار غير العالم عليه لو كان حكم مترتبا على غير العالم غير هذا الحكم لأن ترتيب هذا الحكم - أعني حرمة الإكرام - عليه يقيني، سواء كان خروجه من باب التخصيص أو التخصص، وإنما فائدة التمسك بأصالة العموم وعدم التمسك به يظهر في غير هذا الحكم، فإن كان خروجه من باب التخصيص يترتب عليه بقية أحكام العالم، ولا يترتب عليه بقية أحكام غير العالم. وإن كان من باب التخصص يصير الأمر بالعكس، فيه: إشكال، لأن التمسك بأصالة [العموم] إنما ثبت بالسيرة وبناء العقلاء فيما إذا شك في خروج فرد من العام من باب التخصيص، وأما إذا كان الشك من غير هذه الجهة فلم يثبت بناء العقلاء.