لا بمعنى كونه ذي حق على المولى مترتب على عنوان الطاعة والمعصية، وهما مترتبان على الأمر، فإذا أتى العبد بما أمره المولى يحكم العقل باستحقاقه الثواب، وإذا لم يأت بما أمره المولى يحكم العقل باستحقاقه العقاب فاستحقاق الثواب والعقاب من لوازم الطاعة والمعصية، وهما من لوازم موافقة الأمر ومخالفته وليس أمر جعليا كما لا يخفى.
والحق في مقام المائز بين الوجوب والاستحباب هو أن يقال: إنه إذا بعث المولى إلى شيء فإن ورد ترخيص في تركه فهو مستحب، وإلا فهو واجب. فعلى هذا مجرد البعث دليل على الوجوب وظاهر فيه بمقتضى إطلاقه، إذ الاستحباب يحتاج إلى مؤنة زائدة وبيان زائد وهو الترخيص في الترك، وأما الوجوب فلا يحتاج إلى شيء آخر غير البعث. وعدم بيان الاستحباب بالترخيص في الترك يكفي في بيان الوجوب.
وإذا ثبت الترخيص في الترك ولو من الخارج فيضم إلى البعث إلى الفعل فيصير مستحبا، لحصول حده وهو البعث إلى الفعل مع الرخصة في الترك، البعث إلى الفعل من الأمر والرخصة في الترك من الدليل الخارج، فلو فعله دخل في عنوان المطيع ويحكم العقل باستحقاقه الثواب بمعنى أهليته له، وإن تركه لم يدخل في عنوان العاصي لترخيصه في الترك. فعلى هذا لا يرد الإشكال في مثل:
" اغتسل للجمعة والجنابة " بأن الصيغة استعملت في معنيين، لأن الصيغة ما استعملت إلا في صرف البعث ففي كل ما لم يثبت الرخصة في تركه يحمل على الوجوب، وفي كل ما ثبتت الرخصة في تركه يحمل على الاستحباب من جهة حده بانضمام الرخصة في الترك الحاصلة من الخارج إلى البعث إلى الفعل.
وكذا لا يرد الطعن الذي أورده صاحب الحدائق على الفقهاء حيث إنه لو كان أمر ظاهره الوجوب وجاء دليل بأنه لا بأس بتركه يحملون الأمر على الاستحباب، وكذا لو كان نهي ظاهر في الحرمة وجاء دليل بأنه لا بأس بفعله