كما أجيب به عن الإشكال على الوجه الأول، وحاصله: أن قصد الأمر من حيث إنه معتبر في متعلق الأمر لابد من لحاظه أولا ثم تعلق الأمر به ومن حيث إن الأمر الذي اعتبر قصده في المتعلق ليس إلا الأمر الذي تعلق به بعد لحاظ المتعلق، فيكون لحاظ هذا الأمر في رتبة متأخرة عن متعلقة، فلزم تقدم الشيء على نفسه بحسب اللحاظ. وبعبارة أخرى الأمر المتعلق بالصلاة - مثلا - من حيث إنه معتبر في المتعلق وهي الصلاة، لأن المأمور به هي الصلاة بداعي الأمر فيكون متقدما بحسب اللحاظ، ومن حيث إنه حكم معلق على الصلاة بداعي الأمر يكون متأخرا بحسب اللحاظ أيضا، وهو دور.
ويمكن الجواب عنه أيضا بأن الأمر الذي اعتبر قصده في المتعلق هي طبيعة الأمر لا شخص هذا الأمر المتعلق بهذا المتعلق الذي اعتبر فيه قصد الأمر وإن انحصر أفراد طبيعة الأمر بهذا الأمر الشخصي فإنه لو كان هذا الأمر الشخصي ملحوظا في طرف المتعلق لزم تقدم الشيء على نفسه لحاظا، لأنه من حيث كونه حكما لابد أن يلاحظ بلحاظ متأخر، ومن حيث كونه معتبرا في المتعلق لابد أن يلاحظ بلحاظ متقدم، وأما لو كان الملحوظ في طرف المتعلق طبيعة الأمر لا نفس هذا الأمر الشخصي. وإن كان أفرادها منحصرا به فلا يلزم المحذور المذكور، لأن ما هو متقدم بحسب اللحاظ هو طبيعة الأمر، وما هو متأخر بحسب اللحاظ هو شخص هذا الأمر فالأمر تعلق بالصلاة بداعي الأمر الكلي الذي مصداقه منحصر بهذا الأمر الذي تعلق به، إذ الأمر المتعلق بغيرها لا يكون داعيا إليها، وما يكون داعيا إليها ليس إلا هذا الأمر المتعلق بها.
فيكون ما نحن فيه نظير كل خبري صادق في شمول الحكم المذكور في هذه القضية الشخصية، وهو صادق لنفس هذه القضية الشخصية التي قوامها به، لأنه محمول فيها، فقولنا: صادق من حيث إنه دخيل في تحقق تلك القضية الشخصية لابد من لحاظه متقدما، ومن حيث إنه حكم شامل لها ولغيرها من الأخبار لابد من لحاظه متأخرا، فلا يمكن شموله لنفس هذه القضية إلا بأن يكون الحكم معلقا على