تلك الطائفة عن الجهات الراجعة إلى ذلك المحمول كما إذا كان مطمح نظر مخترع العلم إلى تعرف أحوال موضوعات ذلك المحمول وأي شيء يثبت له ذلك المحمول وجدانا أو برهانا.
وقد يكون التمايز بالغرض بأن تكون الجهة الجامعة بين تلك الطائفة من المسائل اتحادها في الغرض الخاص الذي وضع هذا العلم له.
فإن قلت: إن الغرض الواحد كيف يمكن أن يحصل من المسائل التي [هي] مختلفة موضوعا ومحمولا والحال أن الواحد لا يصدر إلا عن واحد كما أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد؟
قلت فيه أولا: أن الغرض المطلوب من العلم لا يترتب على وجوده الواقعي مع قطع النظر عن تعلق الإذعان به، فإن الغرض من علم النحو وهي صيانة اللسان عن الخطأ في المقال لا يحصل بمجرد وجود المسائل النحوية في الواقع ونفس الأمر مع قطع النظر عن تعلق الإذعان بها، وكذلك المنطق فإن الغرض المطلوب منه وهي العصمة عن الخطأ في الفكر لا يحصل إلا بالإذعان بمسائله. فالغرض المترتب على هذا العلم ليس مرتبا على نفس مسائله المختلفة الموضوع والمحمول، بل على الإذعان، ويمكن أن تكون لتلك الإذعانات جهة جامعة يكون الغرض مترتبا على تلك الجهة الجامعة.
وثانيا: أن الغرض المترتب على كل واحد من هذه الإذعانات مغاير للغرض المرتب على الاذعان الآخر فإن الغرض المترتب على " كل فاعل مرفوع " - [و] هو حفظ اللسان عن الخطأ في المقال بنصب الفاعل أو جره - مغاير للغرض المترتب على " كل مفعول منصوب " وهو حفظ اللسان عن الخطأ في المقال برفع المفعول أو جره، وكذا الغرض المترتب على " أن الأمر للوجوب " مغاير للغرض المترتب على " أن النهي للحرمة "، أو " أن مفهوم الشرط حجة " فإن لكل واحدة من المسائل غرض يختص بها وهو استنباط الحكم الفرعي المترتب على كل