الاجتهاد من مسائل تلك العلوم، وإما من جهة عدم تنقيح تلك المسائل المهمة المحتاج إليها في تلك العلوم كما هو حقه، وسموها باسم أصول الفقه.
ولفظ الأصول باق على معناه اللغوي أي ما يبتني عليه الفقه أو قواعد الفقه، فحال هذا العلم كحال كشكول شيخ البهاء ومشكلات علوم النراقي وأمثالهما من المجموعات من العلوم المتشتة لغرض دعاهم إلى تصنيفها وتأليفها، فكما أنه ليس لها موضوع معين فكذلك ليس لعلم الأصول موضوع معين.
وعلى فرض التنزل والمماشاة وتسليم أنه علم مستقل ويحتاج إلى موضوع معين يمتاز به عن سائر العلوم فموضوعه أي شيء؟
قيل: إن موضوعه الأدلة الأربعة التي عبارة عن الكتاب والسنة والإجماع والعقل. ولا إشكال في أن هذه الأمور الأربعة متغايرة متباينة، فلو كان الموضوع جميع هذه الأمور لزم أن يكون علم الأصول علوما أربعة بناء على كون تغاير العلوم بتغاير الموضوعات، إلا أن يكون الموضوع هو القدر الجامع بين هذه الأمور وهو ليس إلا عنوان الدليل.
فإذا كان الموضوع هو الدليل فإن قلنا بمقالة صاحب الفصول (1) من أن الموضوع ذوات الأدلة مع قطع النظر عن دليليتها، فلا ريب أن البحث عن دليلية الأدلة وحجية الحجج يدخل في مسائل الأصول، إلا أنه يلزم الإشكال المذكور وهو لزوم كون علم الأصول علوما أربعة، لأن ذوات الأدلة أمور متباينة متغايرة.
وإن قلنا: بمقالة صاحب القوانين (2) من أن الموضوع هو الدليل بوصف الدليلية وبعد الفراغ عنها يلزم خروج البحث عن حجية الأدلة جميعا عن مسائل الأصول، وكذا يلزم خروج مباحث الألفاظ - مثل البحث عن كون الأمر للوجوب والنهي للحرمة وغيرهما من مباحث الألفاظ - عن مسائل الأصول، لأن البحث عن كون الأمر للوجوب مثلا بحث عن حال كلي الأمر لا خصوص الأوامر الواردة في الكتاب والسنة، وإن كان الغرض من البحث هو معرفة حال الأمر الوارد فيها، وكذا