ذلك الموضوع مشتركا بين هذا العلم وعلم آخر ولا يحصل بينهما تمايز من جهة الموضوع يجعلون تمايز الموضوع بتمايز الحيثيات، وإذا رأوا أن التمايز لا يحصل بذلك يجعلون التمايز بجهات البحث، ويكتبون أوراقا في بيان هذين الأمرين كما يظهر بالمراجعة إلى شرح المطالع (1) والشوارق (2) وحاشية الشيخ محمد تقي (3) والفصول (4) وغيرها من الكتب المبسوطة.
والحال أن أتعاب النفس في كلا الأمرين لا فائدة له في الجهة المبحوثة، وذلك لأن أتعاب النفس في الأمر الأول إن كان لحصول المعرفة التفصيلية للمتعلم الطالب لذلك العلم فمعلوم أنه لا تحصل المعرفة التفصيلية له بذلك التعريف، بل يتوقف حصولها على الاطلاع على مسائل ذلك العلم، وإن كان لحصول المعرفة الإجمالية فمعلوم أيضا أن المعرفة الاجمالية لا تتوقف على هذا التعريف، بل هي حاصلة لطالب كل علم مع قطع النظر عن هذا التعريف، فإن المعرفة الإجمالية حاصلة بعلم الفقه والأصول والمعاني والبيان والمنطق والنحو والصرف واللغة والطب والعروض وغيرها من العلوم لطالبيها ولو مع عدم اطلاعهم على تعاريفها، بل نفس تلك العلوم أعرف عندهم من هذه التعاريف حيث يجعلون نفس هذه العلوم معيارا لاطراد هذه التعاريف وانعكاسها وعدمهما، فأتعاب النفس في هذا الأمر لا يترتب عليه فائدة مهمة في الجهة المبحوثة عنها، وإنما الفائدة التي تترتب عليه مثل ما تترتب على حل اللغز والمعمى.
وأما أتعاب النفس في الأمر الثاني والالتزام بأنه لابد لكل علم من أن يكون له موضوع يبحث فيه عن عوارضه الذاتية التزام بلا ملزم في كلي العلوم المدونة المستقلة فضلا عن علم الأصول الذي ليس علما مستقلا، بل هو عبارة عن طائفة من مسائل العلوم المتشتة التي لها دخل في الاستنباط، وذلك لأن الحكمة وإن