البعث والبعث إلى الشيء فيما إذا كان الداعي على البعث هو وجود غرض في المبعوث إليه يكون مصداقا للطلب، وإذا كان الداعي عليه هو وجود غرض في نفس البعث لا المبعوث إليه فيصير مصداقا للامتحان والابتلاء والاختبار، وإذا كان الداعي عليه هو إظهار ما يترتب على فعل المبعوث إليه من المنافع فيصير مصداقا للإرشاد، وإذا كان الداعي عليه هو اظهار ما يترتب عليه من المضار يصير مصداقا للتهديد، وإذا كان الداعي عليه رفع المنع عن الفعل كان مصداقا للإباحة، وهكذا بالنسبة إلى سائر المعاني التي ذكرت لها.
ومع ذلك إطلاق الصيغة يقتضي حمله على الطلب لا سائر المعاني، لأن طبع البعث إلى شيء هو أن يكون الغرض في المبعوث إليه، كما أن طبع الحركة إلى الشيء أن يكون الغرض في المتحرك إليه فيحمل اطلاقه عليه، إذ الحمل على غيره يحتاج إلى مؤنة زائدة وبيان زائد، وأما الحمل عليه فلا يحتاج إلى مؤنة زائدة، بل يكفي في الحمل عدم بيان غيره، فإذا كان المتكلم في مقام البيان ولم يبين أن الغرض من البعث في المبعوث إليه أو في غيره يحمل على أن الغرض في المبعوث، ومع وجود الغرض في المبعوث إليه تصير الصيغة مصداقا للطلب، ولا ينافي انصراف إطلاقها إلى الطلب مع كونها حقيقة في البعث الذي هو متحقق في كل واحد من المعاني المذكورة الذي لازمه أن تكون الصيغة حقيقة في جميعها من باب الاشتراك المعنوي، فتأمل.
وكذلك الكلام في الأسماء والأدوات الموضوعة للاستفهام فإنها موضوعة للاستخبار وما استعملت في شيء من المقامات والموارد إلا فيه، إلا أن الغرض من الاستخبار إن كان الاستعلام والاطلاع على الخبر والغرض من الاطلاع على الخبر هو الاطلاع على الواقع كانت تلك الأسماء والأدوات مصاديق الاستفهام، وإن كان الغرض من الاستخبار هو معرفة حال المخبر وأنه هل يعلم هذا الخبر أم لا؟ لا الاطلاع على الواقع من خبره يكون مصاديق الاختبار. وإن كان الغرض من الاستخبار هو الإخبار ليقره عليه أو ينكره عليه تكون مصاديق التقرير