فعلى هذا تخرج المصادر مطلقا، مجردة كانت أو مزيدة - عن محل النزاع، لأن مفهومها عبارة عن نفس الحدث الغير الجاري على الذات، وكذلك الأفعال أيضا خارجة عن محل النزاع في هذا البحث لعدم جريها على الذات أيضا، وإن كانت مفاهيمها مشتملة على النسبة المستفادة من هيآتها زيادة على معانيها الحدثية المستفادة من موادها، لكن مجرد اشتمالها على النسبة لا يوجب دخولها في هذا النزاع لعدم جريها على الذات.
نعم تعرضوا للبحث عن مفاد هيئة بعضها في بعض المباحث الآتية مثل هيئة صيغة الأمر والنهي، وأن مفادهما أي شيء؟ وهو لا ربط له بهذا النزاع، ولما كان هنا توهم من بعض بأن خروج الأفعال عن هذا البحث من جهة أن الزمان مأخوذ في مفهومها، فإذا كان مفهوم الفعل الماضي - مثلا - الحدث المقترن بالزمان الماضي، ومفهوم الفعل المضارع الحدث المقترن بزمان الحال أو الاستقبال، فكيف يقع النزاع في أن الفعل الماضي مفهومه مخصوص بالمتلبس الفعلي أو أعم منه ومما انقضى عنه المبدأ؟ وهكذا في المضارع إذا كان مفهومه عبارة عن الحدث المقترن بالحال أو الاستقبال، فكيف يقع فيه هذا النزاع؟
فلذا تصدى صاحب الكفاية (قدس سره) لدفع هذا التوهم بما حاصله أن ما اشتهر بين النحاة من دلالة الفعل على الزمان حتى أخذوا الاقتران به مأخوذا في تعريفه اشتباه ضرورة عدم دلالة الأمر والنهي عليه، بل على مجرد إنشاء طلب الفعل أو الترك (1)، فإن مفهوم " اضرب ولا تضرب " هو إنشاء طلب الضرب وطلب تركه لا أن مفهومها طلب الضرب أو تركه في الحال، نعم نفس هذا الإنشاء والإيقاع لكونه من الزمانيات لابد أن يقع في الزمان، كما أن الأخبار أيضا كذلك. وأما كون الزمان مأخوذا في مفهومهما فلا، بل يمكن منع دلالة غيرهما من الأفعال على الزمان إلا بالإطلاق والإسناد إلى الزمانيات، وإلا لزم القول بالمجاز والتجريد عند الإسناد إلى نفس الزمان أو المجردات كما التزموا به وقالوا بانسلاخ بعض