العموم. والحال أنه لابد من ملاحظة أحدهما حين الوضع، فإثبات الوضع للأعم من المتلبس وما انقضى عنه المبدأ بهذا الأصل لا يمكن من جهة توقيفيته، وعدم دليل على اعتباره في إثباته، مع أنه معارض بمثله، كما أنه لا يمكن إثباته للأعم بما ذكر من ترجيح الاشتراك المعنوي على الحقيقة والمجاز عند دوران الأمر بينهما من جهة الغلبة، لمنع الغلبة أولا، وعدم دليل على اعتبارها في إثبات الوضع ثانيا، وإن قلنا باعتبارها في بعض المقامات. والحاصل: أنه ليس أصلا عقلائيا يكون هو المرجع في نفس هذه المسألة عند الشك.
فعلى هذا لابد من الرجوع إلى الأصول العملية الجارية في الأبواب والفروع المترتبة على هذه المسألة، ومن جملة الأبواب المتفرعة على هذه المسألة: النذور والوقوف والوصايا، فإذا نذر أو أوصى لكل عالم بشيء أو وقف عليه، فإن كان شخص عالما عند النذر والوصية والوقف ثم صار جاهلا فيرجع إلى الاستصحاب، وإن كان عالما سابقا ولكن انقضى عنه المبدأ حين النذر والوصية والوقف وصار جاهلا يرجع إلى البراءة، هذا ما قيل في المقام.
ولكن فيه: أنه لا يمكن الرجوع إلى الاستصحاب أصلا لا الاستصحاب الحكمي ولا الموضوعي، أما الاستصحاب الحكمي سواء كان الحكم شرعيا كالايجاب والتحريم وغيرهما من الأحكام الشرعية أو غيره، فلأنه لا يجري مع الشك في الموضوع - مثلا - إذا وقف شيئا على العالم، فالوقف ليس على الذات المتلبس بالعلم حتى يستصحب كون هذا الشخص موقوفا عليه الذي هو من أحكام وآثار كونه عالما، بل الوقف كان على عنوان العالم وكون هذا الشخص موقوفا عليه ومستحقا للوقف إنما كان من جهة انطباق هذا العنوان الكلي عليه، فالشك في انطباقه عليه شك في الموضوع، ومعه لا مجال لاستصحاب الحكم.
نعم، لو كان الشخص من حيث هو مع قطع النظر عن انطباق عنوان كلي عليه موقوفا عليه لأمكن استصحاب كونه موقوفا عليه وغيره من الأحكام المترتبة عليه عند الشك، وأما الاستصحاب الموضوعي فلأنه إنما يجري فيما إذا كان شيء