وهكذا الكلام فيما لو أرضعت الأولى الصغيرة بلبن غيره بشرط الدخول بالكبيرة تحرم المرضعة والمرتضعة أيضا، أما المرضعة فلصيرورتها أما لزوجته وإنما كانت الأمومة مزيلة للزوجية. وأما المرتضعة فلصيرورتها بنتا لزوجته المدخول بها، ففي هذه الصورة تحرمان بشرط الدخول بالكبيرة بلا توقف على كون المشتق حقيقة في الأعم، هذا حال المرضعة الأولى والمرتضعة.
وأما المرضعة الثانية فتحريمها في صورة كون ارضاعها بلبن هذه الشخص أو غيره مطلقا مبني على القول بكون المشتق حقيقة في الأعم، وذلك لأنها ما أرضعت إلا بنت زوجها أو ربيبتها فعلا، وإنما كانت هذه المرتضعة زوجته فيما انقضى، فإن قلنا بأن المشتق حقيقة في خصوص ما تلبس بالمبدأ في الحال فلا تحرم، وإن قلنا بأنه حقيقة في الأعم فتحرم.
هذا حكم المسألة بحسب القواعد مع قطع النظر عن الدليل الخاص والرواية التي وردت في خصوص هذا عن علي بن مهزيار، عن أبى جعفر (عليه السلام) في رد ابن شبرمة على ما نقل حيث أفتى بتحريم الثلاثة فرده (عليه السلام) بأن المرضعة الثانية ليست محرمة، لأنها ما أرضعت إلا بنته أو ربيبته، فراجعها (1).
ولعل عدم اعتناء جماعة بهذه الرواية وابتناءهم لهذه المسألة على طبق القواعد كان من جهة ضعف هذه الرواية بواسطة إرسالها، أو بواسطة أن المراد بأبي جعفر في هذه الرواية هو الجواد (عليه السلام)، بقرينة رواية علي بن مهزيار عنه، وهو لم يكن في عصر ابن شبرمة أو بغيرهما من الجهات الموجبة للضعف، وإلا فلا معنى لطرحها.
فتحصل: أن النزاع ليس منحصرا في خصوص المشتقات الاصطلاحية الجارية على الذوات، بل يعم هذا القسم من الجوامد، وأما الجوامد التي تنتزع مفاهيمها عن مقام الذات أو الذاتيات لا باعتبار الاتصاف بعرض أو عرضي فإنها خارجة عن محل النزاع، ولا خلاف في أنها حقيقة في خصوص المتلبس فلا يطلق الحجر إلا على ما كانت الذات باقية حقيقة، وإطلاقه على ما كان حجرا