يمكن استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى استعمالا صحيحا حقيقيا وإن كان في وقوعه محل الكلام. وإن قيل بأن الايهامات والكنايات من هذا القبيل (1)، ولكن فيه تأمل.
وإنما الكلام في إمكانه عقلا، والحق عدم الإمكان، وذلك لما عرفت من أن محل النزاع في الجواز وعدم الجواز هو استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى واحد وإرادتهما منه على نحو إرادتهما من لفظين، فكما أن كل واحد من المعنيين مراد بالإرادة التفصيلية فيما إذا أريدا من لفظين، فلابد أن يكون كل واحد منهما - أيضا - مرادا بالإرادة التفصيلية عند إرادتهما من لفظ واحد، ولا ريب أنه لا يمكن ذلك في استعمال واحد، لأن اللفظ واحد والاستعمال واحد والإرادة الاستعمالية واحدة، فكيف يمكن أن يراد من اللفظ الواحد في الاستعمال الواحد الذي تعلقت إرادة واحدة تفصيلية استعمالية به معنيان بإرادتين تفصيليتين؟
والحال أن إرادة اللفظ إذا كانت إرادة واحدة تفصيلية لابد أن تكون إرادة المعنى أيضا كذلك لأنها تابعة لها بل عينها، لأن الاستعمال عبارة عن إرادة المعنى من لفظ والقائه بقالبه، فالإرادة المتعلقة بالمعنى لابد أن تكون على نحو الإرادة المتعلقة باللفظ، فإذا كانت الإرادة المتعلقة باللفظ إرادة واحدة تفصيلية فلابد أن تكون الإرادة المتعلقة بالمعنى أيضا إرادة واحدة تفصيلية، لما عرفت من التبعية بل العينية، فلا يمكن إرادة معنيين من اللفظ الواحد في الاستعمال الواحد بإرادتين تفصيليتين، لأن الإرادة الاستعمالية المتعلقة باللفظ إرادة واحدة تفصيلية.
نعم لو فرض إمكان التلفظ في آن واحد بلفظين وتعلق إرادة واحدة استعمالية بها بحيث يكون كل واحد من اللفظين مرادا بتلك الإرادة أمكن إرادة المعنيين من هذين اللفظين اللذين تعلقت إرادة استعمالية واحدة بهما على نحو إرادة اللفظين، فكما يكون كل واحد من اللفظين جزء المراد بالإرادة الاستعمالية المتعلقة