____________________
لم يكن فيه إلا نسيان الآخرة الذي أشار أمير المؤمنين عليه السلام إليه بقوله: «وأما طول الأمل فينسي الآخرة» (1) لكفى.
وبيانه: أن طول الأمل توقع الأمور المحبوبة الدنيوية توجب دوام ملاحظتها.
ودوام ملاحظتها مستلزم لدوام إعراض النفس عن ملاحظة أحوال الآخرة. وهو مستعقب لانمحاء تصورها في الذهن. وذلك معنى النسيان لها. وبه يكون الهلاك السرمدي والشقاء الأبدي نعوذ بالله من ذلك.
قال بعضهم: وسبب طول الأمل هو حب الدنيا، فإن الإنسان إذا أنس بها وبلذاتها ثقل عليه مفارقتها، وأحب دوامها، فلا يتفكر في الموت الذي هو سبب مفارقتها، فإن من أحب شيئا كره الفكر فيما يزيله ويبطله، فلا يزال يمني نفسه البقاء في الدنيا، ويقدر حصول ما يحتاج إليه من أهل ومال وأدوات وأسباب، ويصير فكره مستغرقا في ذلك، فلا يخطر الموت بباله، وإن خطر بخاطره الموت والتوبة والإقبال على الأعمال الأخروية أخر ذلك من يوم إلى يوم، ومن شهر إلى شهر، ومن عام إلى عام. وقال: إلى أن اكتهل ويزول سن الشباب. فإذا اكتهل قال: إلى أن أصير شيخنا. فإذا شاخ قال: إلى أن أتم عمارة هذه الدار، وأزوج ولدي فلانا، أو إلى أن أعود من هذا السفر، وهكذا يسوف التوبة. كلما فرغ من شغل عرض له شغل، بل أشغال، حتى يختطفه الموت وهو غافل عنه، غير مستعد له، مستغرق القلب في أمور الدنيا، فتطول في الآخرة حسرته، وتكثر ندامته، وذلك هو الخسران المبين (2). نعوذ بالله منه.
نصبت الشيء نصبا - من باب ضرب - أقمته. ونصب الموت بين اليدين عبارة عن جعله على ذكر بحيث لا يغيب عن الذهن لحظة. وهو تمثيل بحال ما ينصب أمام
وبيانه: أن طول الأمل توقع الأمور المحبوبة الدنيوية توجب دوام ملاحظتها.
ودوام ملاحظتها مستلزم لدوام إعراض النفس عن ملاحظة أحوال الآخرة. وهو مستعقب لانمحاء تصورها في الذهن. وذلك معنى النسيان لها. وبه يكون الهلاك السرمدي والشقاء الأبدي نعوذ بالله من ذلك.
قال بعضهم: وسبب طول الأمل هو حب الدنيا، فإن الإنسان إذا أنس بها وبلذاتها ثقل عليه مفارقتها، وأحب دوامها، فلا يتفكر في الموت الذي هو سبب مفارقتها، فإن من أحب شيئا كره الفكر فيما يزيله ويبطله، فلا يزال يمني نفسه البقاء في الدنيا، ويقدر حصول ما يحتاج إليه من أهل ومال وأدوات وأسباب، ويصير فكره مستغرقا في ذلك، فلا يخطر الموت بباله، وإن خطر بخاطره الموت والتوبة والإقبال على الأعمال الأخروية أخر ذلك من يوم إلى يوم، ومن شهر إلى شهر، ومن عام إلى عام. وقال: إلى أن اكتهل ويزول سن الشباب. فإذا اكتهل قال: إلى أن أصير شيخنا. فإذا شاخ قال: إلى أن أتم عمارة هذه الدار، وأزوج ولدي فلانا، أو إلى أن أعود من هذا السفر، وهكذا يسوف التوبة. كلما فرغ من شغل عرض له شغل، بل أشغال، حتى يختطفه الموت وهو غافل عنه، غير مستعد له، مستغرق القلب في أمور الدنيا، فتطول في الآخرة حسرته، وتكثر ندامته، وذلك هو الخسران المبين (2). نعوذ بالله منه.
نصبت الشيء نصبا - من باب ضرب - أقمته. ونصب الموت بين اليدين عبارة عن جعله على ذكر بحيث لا يغيب عن الذهن لحظة. وهو تمثيل بحال ما ينصب أمام