____________________
ذلك، أو أن مساواة النورين لا يستلزم الخوف والرجاء، أو لما ذكره عليه السلام من قلة الحسنات بين السيئات، أو أن الخوف يزيد بمخاطبة المخوف منه ومشاهدته (1).
انتهى.
قلت: قد علمت آنفا من بيان أقسام الخوف أن أعلاها رتبة هو خوف الفراق والحجاب عن الله تعالى، وهو خوف العارفين. ولما كان عليه السلام سيد العابدين، وإمام الزاهدين وجب حمل خوفه على هذا القسم من الخوف، وهذا غير الخوف الذي يجب أن يكون مساويا للرجاء، فإن العارف ما دام في هذه النشأة لا يزال ملتبسا بأحكام البشرية، وأوصاف الإنسانية مع ما مزجت به الطينة من النقص والقصور، وحفت به الأحوال من الشوائب والنوائب. فإذا رأى ما هو عليه من ذلك، واستشعر عظمة ذي الجلال وتنزهه، وتقدسه عن أن يلم بساحة قدسه من يشم منه رائحة البشرية. كما قيل: ما للتراب ورب الأرباب اشتد خوفه وكثر، وقل طمعه وقصر، وتأكد يأسه وضعف رجاؤه، وتقطعت من الحزن والجزع أحشاؤه.
ومن هنا قال بعضهم: إن الخوف والرجاء من بقايا الاحساس بأحكام البشرية، وأوصاف الإنسانية، وهذه السيئات التي أشار إليها عليه السلام بقوله:
«بل لقلة حسناته بين سيئاته» هي بعينها حسنات الأبرار، وهذه التبعات هي صوالح أعمال الأخيار.
كما ورد: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وأنوار الصادقين ظلم في حق الصديقين (2).
وإلى هذا المقام وصاحبه أشار أمير المؤمنين عليه السلام وسيد الوصيين صلوات الله وسلامه عليه بقوله من خطبة له: عباد الله، إن من أحب عباد الله إليه عبدا
انتهى.
قلت: قد علمت آنفا من بيان أقسام الخوف أن أعلاها رتبة هو خوف الفراق والحجاب عن الله تعالى، وهو خوف العارفين. ولما كان عليه السلام سيد العابدين، وإمام الزاهدين وجب حمل خوفه على هذا القسم من الخوف، وهذا غير الخوف الذي يجب أن يكون مساويا للرجاء، فإن العارف ما دام في هذه النشأة لا يزال ملتبسا بأحكام البشرية، وأوصاف الإنسانية مع ما مزجت به الطينة من النقص والقصور، وحفت به الأحوال من الشوائب والنوائب. فإذا رأى ما هو عليه من ذلك، واستشعر عظمة ذي الجلال وتنزهه، وتقدسه عن أن يلم بساحة قدسه من يشم منه رائحة البشرية. كما قيل: ما للتراب ورب الأرباب اشتد خوفه وكثر، وقل طمعه وقصر، وتأكد يأسه وضعف رجاؤه، وتقطعت من الحزن والجزع أحشاؤه.
ومن هنا قال بعضهم: إن الخوف والرجاء من بقايا الاحساس بأحكام البشرية، وأوصاف الإنسانية، وهذه السيئات التي أشار إليها عليه السلام بقوله:
«بل لقلة حسناته بين سيئاته» هي بعينها حسنات الأبرار، وهذه التبعات هي صوالح أعمال الأخيار.
كما ورد: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وأنوار الصادقين ظلم في حق الصديقين (2).
وإلى هذا المقام وصاحبه أشار أمير المؤمنين عليه السلام وسيد الوصيين صلوات الله وسلامه عليه بقوله من خطبة له: عباد الله، إن من أحب عباد الله إليه عبدا