وإن كانت فاسدة فقد أجاز الفاسد، فان قال: جمعت فسادا وصحة فأجزت الصحيح وأبطلت الفاسد قلنا له: بل أجزت الفاسد وهو عتقه ملك بنيه وعبدهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) وقال الليث بن سعد بجواز الوصية بكل ما ذكرنا: انه لا يجوز، وقال فيمن أوصى لانسان بثلثه ولآخر بالنفقة ما عاش ان الثلث بينهما بنصفين * قال أبو محمد: وهذا خطأ لأنه غير ما أوصى به الموصى ولا يجوز ان يحال ما أوصى به الموصى إلى غير ما أوصى به الا بنص بما قال الليث، وقال عثمان البتي فيمن أوصى لزيد بنفقة عشرة دراهم كل شهر ولعمرو بمائة درهم كل شهر: فإنهما يتحاصان يضرب بمائة للموصى له بمائة ويضرب بعشرة للموصى له بعشرة فيعطى حصته ويعطى الباقي الذي أوصى له بالمائة فإذا كان في الشهر الثاني ضرب الموصى له بعشره بعشرين وضرب صاحب المائة بمائة وحسب صاحب العشرة بعشرة وحسب له ما أخذ في الشهر الأول وكذلك يقسم بينهما كل شهر * قال أبو محمد: وهذا كلام لا يعقل ولا يدرى منبعثه وقال أبو حنيفة فيمن أوصى بخدمة عبده فلانا سنة ثم يعتق ولا مال له غيره: فإنه يخدم الموصى له يوما والورثة يومين فإذا مضت له ثلاث سنين هكذا أعتق * قال أبو محمد: نرى انه في قوله إنه يسعى في ثلثي قيمته للورثة * قال على: وقوله هذا فاسد، قال: ومن أوصى لآخر بسكنى داره ولا مال له غيرها سكن الموصى له بثلث الدار (1) وسكن الورثة بثلثيها وليس له أن يؤاجرها ولا ان يؤاجر العبد الموصى له بخدمته ولا أن يخرجه عن ذلك البلد الا أن يكون الموصى له في بلد آخر فله أن يخرجه إلى بلده * قال على: وهذا في غاية (2) الفساد لأنه خالف عهد الميت في الوصية بسكنى جميع الدار فلم يجعل له الا سكنى ثلثها فقط وقيمة سكنى ثلث الدار أقل من ثلث الميت بلا شك لان جميع الدار مال تخلفه فإذ هذه الوصية عنده جائزة فهلا أنفذ له جميعها لأنها أقل من الثلث بلا شك، وأيضا فلا فرق بين كون الموصى له في بلد آخر وبين رحيله إلى بلد آخر فإن كان البعد للموصى فللموصى له التصرف فيما أوصى له به حيث شاء وإن كان ليس هو للموصى فالوصية بخدمته باطل، قال أبو حنيفة: ومن أوصى بغلة بستانه لزيد وفيه غلة ظاهرة إذ مات الموصى فليس للموصى له الا تلك الغلة بعينها فقط فلو لم يكن فيها غلة إذ مات فله ثلثها أبدا ما عاش *
(٣٢٤)