قال أبو محمد: وهذا باطل أيضا وفرق بلا برهان، وهلا جعلوا له أول غلة تظهر بعد موت الموصى فقط ثم لا شئ له في المستأنف كما فعلوا في الغلة الظاهرة، فان قالوا: حملنا ذلك على العموم قلنا لهم: وهلا حملتم وصيته أيضا على العموم إذا مات وفى البستان غلة ولو أن عاكسا عكس قولهم فأعطاه غلة البستان أبدا إذا مات وفيه غلة ظاهرة ولم يعطه إذا مات ولا غلة في البستان الا أول غلة تظهر ما كان بين الحكمين بالباطل فرق، قال أبو حنيفة: وإنما تجوز الوصية بسكنى الدار وخدمة العبد إذا أوصى به لانسان بعينه قال:
فلو أوصى بذلك للفقراء. والمساكين لم يجز ذلك * قال على: ليس في المصيبة أكثر من هذا أن يكون ان أوصى لكافر أو لفاسق جاز فان أوصى لفقراء المسلمين لم يجز أف لهذا القول، قال أبو حنيفة: ولو أوصى لزيد بالنفقة ما عاش فان جوز الورثة ذلك وقف له جميع المال كله وتحاص هو وسائر الموصى لهم الا أن يعين الموصى لهم ان ينفق عليه من الثلث فيوقفه له الثلث خاصة ويحاص أيضا الموصى لهم، وقال أبو يوسف: يجعل له عمر مائة سنة ثم يوقف له الثلث خاصة ما ينفق عليه فيما بقي له من مائة سنة فان عاش أكثر أعطى النفقة أيضا حتى يفرغ الثلث * قال أبو محمد: وهذه وساوس لا تعقل والأسعار تختلف اختلافا متباينا فكيف يقدر على هذا الجنون: وأجاز أبو حنيفة أن يوص لانسان بخدمة عبد ما عاش ولآخر برقبة ذلك العبد ورأي النفقة. والكسوة على الذي أوصى له بالخدمة ورأي ما وهب للعبد للذي له الرقبة * قال على: وهذا باطل أيضا، ومن أين استحل أن يلزم الموصى له بالخدمة نفقة غير عبده وكسوته؟ ان هذا لعجب، وقال محمد بن الحسن: ومن أوصى بعتق عبده بعد موته بشهر فمات ومضى شهر لم يعتق الا بتجديد عتق (1) لأنه لو جنا جناية قبل تمام الشهر كان للورثة أن يسلموه بجنايته * قال على: فإذ ملكه للورثة كما قال: فكيف يعتق عبدهم بغير رضاهم وهذا كله لا خفاء بفساده وقال مالك: من أوصى بخدمة عبده أو بغلة بستانه أو بسكنى داره أو بنفقته على إنسان فكل ذلك جائز، فلو أوصى بخدمة عبده ما عاش لزيد وبرقبته لعمرو فهو جائز قال: فلو أن الموصى له بخدمة العبد وهب لذلك العبد ما أوصى له به من خدمته أو باعها منه عتق العبد ساعتئذ ولا مدخل للورثة في ذلك * قال على: وهذا خلاف أقواله المعهودة من أن الوصية إذا لم يقبلها الموصى