خلق الله عز وجل قبل مالك فسقط هذا القول. وأما قول أبي حنيفة. وأصحابه ففاسد أيضا لان كل من لم يحضر مجلس الحاكم فهو غائب عنه ولو أنه في رحبة باب دار الحاكم فعلى هذا لا يحكم على أحد أبدا وهو فاسد كما ترى، فان قالوا: يبعث فيه قلنا: وابعثوا أيضا في كل غائب ولا فرق، فان قالوا: قد يكون بحيث تتعذر البعثة فيه قلنا: وقد يكون إلى جانب (1) حائط الحاكم وتتعذر البعثة فيه أيضا لتعذره أو لبعض الوجوه، ثم قد فحش تناقضهم ههنا فقالوا: من غاب بحيث لا يعرف فإنه ينفق من ماله على زوجته وأصاغر ولده وعلى أكابر ولده أن كانوا زمني وعلي بناته الابكار وان كن بالغات غير زمنات وعلى أبويه الفقيرين الزمنين من طعامه وزيته وثيابه الذي تشاكل لباس من ذكرنا ومن دراهمه ودنانيره ولا يباع في ذلك البتة عقار. ولا عروض. ولا حيوان، وسواء كان ما ذكرنا من الطعام الزيت والناض والثياب وديعة عند مقر أو غير مقر أو في منزل الغائب، وهذا كلام جمع من السخف وجوها عظيمة وهو حكم على الغائب وتحكم بالفرق بين الأموال بالباطل إلى تخاليط لهم ههنا في غاية الفاسد وقضوا على المرتد إذا لحق بأرض الحرب بأنه ميت وهو حي وقسموا ماله على ورثته وهذا قضاء بالباطل على غائب ولا فرق بين حق من ذكرنا في النفقة وبين حق الغرماء في الديون وحق المغصوبين فيما غصب منهم وتقاسيم. لا تعرف عن أحد من خلق الله تعالى قبلهم * قال أبو محمد: وموهوا في ذلك بأشياء وهي عليهم لا لهم نذكرها إن شاء الله تعالى ونبين أنها عليهم بحول الله تعالى وقوته، واما من أجمل ان لا يقضى على غائب كابن شبرمة. وسفيان ومن وافقه فإنهم احتجوا بما روينا من طريق شريك عن سماك بن حرب عن حنش ابن المعتمر عن علي بن أبي طالب قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا فقلت: يا رسول الله ترسلني وأنا حديث السن لا علم لي بالقضاء فقال إن الله عز وجل سيهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء قال: فما زلت قاضيا وما شككت في قضاء بعد * وما روينا من طريق ابن عيينة عن سماك بن حرب عن حنش ابن المعتمر عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إذا قعد الخصمان فلا تقض للأول حتى تسمع حجة الآخر) * ونا محمد بن الحسن الرازي نا عبد الرحمن بن عمر بن النحاس نا ابن الاعرابي نا سهل بن أحمد بن عثمان الواسطي نا القاسم بن عيسى بن إبراهيم الطائي نا المؤمل بن إسماعيل عن سفيان الثوري عن علي بن الأقمر عن جحيفة عن علي (أن النبي
(٣٦٧)