الكافر الذي لا مال له وهو بلا شك خارج عن الآية لأنه لا خير فيه أصلا وخارج عن قول كل من سلف، وهذا مما فارقوا فيه كل من حفظ عنه قول من الصحابة رضي الله عنهم * ومن طرائف الدنيا احتجاج بعضهم بان قال: قسنا من لا خير فيه على من فيه خير * قال على فهل سمع بأسخف من هذا القياس؟ وإنما قالوا بالقياس فيما يشبه المقيس عليه لا فيما لا يشبهه، وهلا قاسوا من يستطيع الطول في نكاح الأمة على من لا يستطيعه، وهلا قاسوا به غير السائمة في الزكاة على السائمة، وهلا قاسوا غير السارق على السارق وغير القاتل على القاتل؟ وهذه حماقة لا نظير لها وقال بعضهم: لم يذكر في الآية الا من فيه خير وبقى حكم من لا خير فيه فأجزنا كتابته بالاخبار التي فيها ذكر الكتابة جملة فقلنا لهم: فأبيحوا بمثل هذا الدليل أكل كل مختلف فيه لقوله تعالى (كلوا واشربوا) وهذا باطل بقوله عليه الصلاة والسلام: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) ويلزمكم أن تجيزوا كتابة المجنون والصغير بعموم تلك الأحاديث وأيضا فإنه لا يكون مكاتبا الا من أباح الله تعالى مكاتبته أو أمر بها، وأيضا فلم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أثر قط في المكاتب الا وفيه بيان انه مسلم، وأمر الله تعالى بالمكاتبة وبكل ما أمر به فرض لا يحل لاحد أن يقول له الله تعالى افعل أمرا كذا فيقول هو: لا أفعل الا أن يقول له تعالى: ان شئت فافعل والا فلا * وروينا من طريق إسماعيل بن إسحاق نا علي بن عبد الله نا غندر نا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك ان سيرين سأله المكاتبة فأبى عليه فقال له عمر بن الخطاب: والله لتكاتبنه وتناوله بالدرة فكاتبه * وبه إلى علي بن عبد الله نا روح بن عبادة نا ابن جريج قلت لعطاء: أواجب على إذا علمت له مالا أن أكاتبه؟ قال ما أراه الا واجبا قال ابن جريج: وقال (1) لي أيضا عمرو بن دينار قال ابن جريج: وأخبرني عطاء ان موسى بن أنس بن مالك أخبره ان سيرين أبا محمد بن سيرين سال أنس بن مالك الكتابة؟ وكان كثير المال فأبى فانطلق إلى عمر بن الخطاب فاستأذنه فقال عمر لانس: كاتبه فأبى فضربه عمر بالدرة وقال كاتبه ويتلو (وكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا) فكاتبه أنس * وبه إلى ابن المديني نا سعيد بن عامر نا جويرية بن أسماء عن مسلم بن أبي مريم عن عبد كان لعثمان ابن عفان فذكر حديثا وفيه أنه استعان بالزبير فدخل معه على عثمان فقام بين يديه قائما وقال: يا أمير المؤمنين فلان كاتبه فقطب ثم قال: نعم ولولا أنه في كتاب الله تعالى ما فعلت ذلك (2) وذكر الخبر * وروى عن مسروق والضحاك، وقال إسحاق بن
(٢٢٣)