ومن طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: كان علي بن أبي طالب تصدق بعد موته بأرض له وأعتق بعض رقيقه وشرط عليهم أن يعملوا فيها خمس سنين * ومن طريق ابن أبي شيبة نا عباد عن حجاج عن القاسم بن عبد الرحمن عن المغيرة بن سعد بن الأخرم عن أبيه أن رجلا اتى ابن مسعود فقال: أنى أعتقت أمتي هذه واشترطت عليها أن تلي منى ما تلي الأمة من سيدها الا الفرج فلما غلظت رقبتها قالت: انى حرة فقال ابن مسعود: ليس ذلك لها خذ برقبتها فانطلق بها فلك ما اشترطت عليها * قال أبو محمد: الحنيفيون. والمالكيون. والشافعيون مخالفون لجميع هذه الآثار لان في جميعها العتق بشرط الخدمة بعد العتق والى غير أجل وهم لا يجيزون هذا ولا يعرف لهم من الصحابة مخالف وهم يعظمون مثل هذا إذا وافق رأيهم، وأما نحن فلا حجة عندنا في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم * وروينا عن سعيد بن المسيب من أعتق عبده واشترط خدمته عتق وبطل شرطه، رويناه من طريق ابن أبي شيبة عن أبي خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب * ومن طريق ابن أبي شيبة عن عباد بن العوام عن يحيى بن سعيد التيمي عن أبيه عن شريح مثله، وأجازوا العتق على اعطاء مال ولا يحفظ هذا فيما نعلمه عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم في غير الكتابة، فان قالوا: قسنا ذلك على الكتابة قلنا: ناقضتم لأنكم لا تجيزون في الكتابة الضمان ولا الأداء بعد العتق وتجيزون كل ذلك في العتق على المال، ولا تجيزون في الكتابة أن يكون أمد أداء المال مجهولا وتجيزون ذلك في العتق على مال فقد أبطلتم قياسكم فكيف والقياس كله باطل، ثم لهم في هذا غرائب فأما أبو حنيفة فإنه قال: من قال لعبده: أنت حر على أن تخدمني أربع سنين فقبل العبد ذلك فعتق ثم مات من ساعته فمرة قال في ماله قيمة خدمته أربع سنين وهو قول الشافعي ثم رجع فقال في ماله قيمة رقبته قال: ومن قال لعبده: أنت حر على ألف درهم أو على أن عليك ألف درهم فالخيار للعبد في قبول ذلك أو رده، فان قبل ذلك في المجلس فهو حر والمال دين عليه وان لم يقبل فلا عتق له ولا مال عليه قال: فان قال له: إذا أديت إلى ألف درهم فأنت حر فله بيعه ما لم يؤدها فإذا أداها فهو حر، وقال مالك: من قال لعبده: أنت حر على أن عليك ألف درهم لم يلزم العبد أداؤها ولا حرية له الا بأدائها فإذا أداها فهو حر، قال: فلو قال: إن جئتني بألف درهم فأنت حر أو متى ما جئتني بألف درهم فأنت حر فليس له ان يبيعه حتى يتلوم له السلطان ولا ينجم عليه فان عجز عجزه السلطان وكان لسيده بيعه قال: فلو قال لعبده: أنت حر الساعة وعليك ألف درهم فهو حر والمال عليه، قال ابن القاسم صاحبه: هو حر ولا شئ عليه * قال أبو محمد: وهذا هو الصحيح لأنه لم يعلق الحرية بالغرم بل أمضاها بتلة بغير شرط
(١٨٦)