وهبت لولدها الكبار كان أبوهم حيا أو لم يكن قال: وهبة الثواب صاحبها الواهب لها له الرجوع فيها ما لم يثب منها فان أثيب منها أقل من قيمتها فله الرجوع فان أثيب قيمتها فلهم قولان، أحدهما أنه لا رجوع له والآخر ان له الرجوع ما لم يرض بذلك الثواب ولا ثواب عندهم فيما وهب أحد الزوجين لصاحبه ولا للفقير فيما اهدى إلى الغنى يقدم من سفر كالموز ونحو ذلك قال: ولا رجوع في صدقة أصلا لا لوالد فيما تصدق به على ولده ولا لغيره * قال أبو محمد: هذه أقاويل (1) لا تعقل وفيها من التضاد. والدعاوى بلا دليل ما يكفي سماعه عن تكلف الرد عليه فمن ذلك منع الفقير يهدى إلى الغنى يقدم الموز ونحوه من طلب الثواب وما أحد أحوج إليه منه واطلاقهم الغنى على طلب الثواب ومنعهم الام من الرجوع إذا مات أبو ولدها واباحتهم لهما الرجوع إذا كان أبوهم حيا واباحتهم الرجوع فيما وهب ليتيم قريب أو بعيد وتفريقهم بينها وبين حكم الوالد في ذلك ثم تخصيصهم إذا تزوج الولد أو الابنة على تلك الهبة بالمنع من الرجوع وكذلك أقوال أبي حنيفة أيضا إذ رأى الاسلام بعد الكفر خيرا يمنع الرجوع ولم ير تعلم القرآن خيرا يمنع الرجوع، وإذ رأى أداء دين العبد يمنع الرجوع ولم ير النفقة عليه تمنع الرجوع. وإذا لم ير الرجوع الا بحضرة الحاكم فهذا عجب جدا ولئن كان الرجوع حقا فما باله لا يجوز بغير حضرة الحاكم ولئن كان غير حق فمن أين جاز بحضرة الحاكم؟ ومن عجائب الدنيا احتجاجهم في ابطال السنة الثابتة من رجوع بائع السلعة فيها إذا وجدها بعينها عند مفلس فإنه لا يخلو أن يكون المشترى لها ملكها أو لم يملكها فإن كان لم يملكها فبأي شئ صارت عنده وفى جملة ماله وإن كان ملكها فلا سبيل للبائع على ماله فههنا كان هذا الاعتراض صحيحا لا هنالك وههنا لا يخلو الموهوب له من أن يكون ملك ما وهب له أم لم يملكه، فإن كان لم يملكه فبأي شئ حل له الوطئ والاكل. والبيع. والتصرف وبأي شئ ورثت عنه ان مات وإن كان قد ملكه فلا سبيل للواهب على ماله * قال أبو محمد: احتج من رأى الرجوع في هبة الثواب ما لم يثب منها أو لم يرض منها بما رويناه (2) من طريق سعيد بن منصور نا سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله ابن عمر عن أبيه عن عمر قال: من وهب هبة فلم يثب منها فهو أحق بها الا لذي رحم * ومن طريق سعيد بن منصور نا أبو معاوية نا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود قال عمر ابن الخطاب: من وهب هبة لذي رحم فهو جائز ومن وهب هبة لغير ذي رحم فهو أحق بها ما لم يثب عليها * ومن طريق وكيع نا حنظلة هو ابن أبي سفيان الجمحي عن سالم بن عبد الله بن عمر
(١٢٨)