أعني مليارات من البشر إذا فرض القدرة عليهم. ولعل المقصود من قبول الجزية ليس إلا مخالطة أهل الذمة للمسلمين فيتأثروا بالعلوم الإسلامية وأخلاقها ومقرراتها الصالحة العادلة، ولا اعتبار بدين ليس على أساس العلم والمعرفة.
ولو قلنا باختصاص الجزية بالفرق الثلاث فهل يختص الحكم بالسابقين منهم وأولادهم نسلا بعد نسل، أو يشمل من تهود أو تنصر أو تمجس بعد نسخ الجميع بالإسلام؟
ظاهر الآيات والروايات التي علق الحكم فيها على عنوان أهل الكتاب أو اليهود والنصارى والمجوس، كون القضايا على نحو القضايا الحقيقية لا القضايا الخارجية، وكون الملاك هو الانتحال إلى الأديان الثلاثة ولو بتبديل دينهم إليها في الأعصار اللاحقة كسائر الموضوعات في الأحكام الشرعية.
وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " من بدل دينه فاقتلوه " ينصرف إلى المسلم إذا بدل دينه وارتد، فلا يشمل الكافر إذا بدل دينه إلى كفر آخر أو الإسلام.
وأما الصابئة فعند فقهاء السنة يعدون من أهل الكتاب وتقبل منهم الجزية، نعم خالفهم في ذلك أبو سعيد الإصطخري منهم والمشهور بين فقهائنا عدم قبول الجزية منهم. وخالف في ذلك ابن الجنيد منا.
قال الشيخ: " الصابئة لا يؤخذ منهم الجزية ولا يقرون على دينهم، وبه قال أبو سعيد الإصطخري.
وقال باقي الفقهاء: إنه يؤخذ منهم الجزية.
دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم " (1).
وقال المفيد: " والواجب عليه الجزية من الكفار ثلاثة أصناف: اليهود على اختلافهم، والنصارى على اختلافهم، والمجوس على اختلافهم.