ويجب أن يكون المنصوب لهذا الشأن عاقلا ذكيا فطنا ثقة عدلا صدوقا ذا صرامة وصراحة لا يمنعه أبهة الإمام من بيان جميع ما عاينه وشاهده، وأن يكون معاشرا للناس حاضرا في أسواقهم ومجامعهم بحيث يطلع على أهوائهم وأفكارهم وتوقعاتهم، وأن يكون عمدة همه الدفاع عن الناس ولا سيما الضعفاء والمحرومين منهم فيرفع حاجاتهم وتوقعاتهم إلى الإمام ويصر في إنجاح طلباتهم بقدر الإمكان لا أن يفكر فقط في فرض سياسة الدولة وآرائها كيف ما كانت عليهم، وفي ترضية خاطر السلطان والأمراء والعمال فقط.
الرابعة - في أمور أخر في الاستخبارات ينبغي التنبيه عليها:
الأول: قد مر أن عمل المراقبة والتجسس عمل خطير له مساس تام بحريم الناس وحرياتهم المشروعة فلا يجوز أن يستخدم لهذا العمل إلا من يكون عاقلا، ذكيا، ثقة، ملتزما بالشرع، عالما بما يجب ويحرم، رؤوفا بالناس، حافظا لأسرارهم، لا يحقر الناس ولا يريد تذليلهم ولا سيما بالنسبة إلى ذوي الهيئات والسوابق الحسنة في المجتمع، ولا يكون فيه حقد أو حسد بالنسبة إلى أحد.
الثاني: لا يخفى أن سنخ المراقبة للأعداء من الكفار وأهل النفاق المعاندين للإسلام والدولة الإسلامية يختلف عن سنخ المراقبة للعمال وللأمة، حيث إن الشعبتين الأوليين تلازمان بحسب العادة نوعا من الغلظة، فلا تناسب هذه الحالة لمراقبة الأمة وكذا العمال البرءاء غالبا، إذ المراقبة لهما تقتضي رعاية الرحمة غالبا، واجتماع الخصلتين المتضادتين في شخص واحد نادر جدا، فلأجل ذلك يترجح بل يتعين تفكيك الشعب ولا يفوض الجميع إلى شخص واحد.
الثالث: قد عرفت أن الذي يجوز بل يجب مؤكدا التجسس عليه تحركات الناس ضد الإسلام والنظام والمصالح العامة.
وحيث إن الأمر في كثير من الموارد يشتبه على الموظفين وربما يدور